آثار التشاؤم

كما أن للتفاؤل آثارًا إيجابية في حياة الإنسان بجوانبها المختلفة، فإن للتشاؤم آثارًا عكسية وسلبية على تلك الجوانب، ومن أهم هذه الآثار:

1- التشاؤم طريق يقود إلى الشرك بالله تعالى، ولا شك أنه من أعظم الأضرار والآثار، لأنه يدفع صاحبه إلى اتباع المسالك المحظورة مثل اللجوء إلى السحرة والمشعوذين والدجالين لإخراجه من الحال التي هو فيها، وبالتالي تنفيذ ما يؤمر به من هؤلاء من الكفر والشرك وارتكاب الكبائر الأخرى.

2- التشاؤم يجعل من صاحبه أسيرًا للوساوس الشيطانية، حتى يصاب بالهوس، حيث يفسر كل شيء تفسيرًا سلبيًا فلا يرى شيئًا إلا بمنظار أسود، يقول ابن القيم رحمه الله:»واعلم أن من كان مُعتنياً بها قائلاً بها ـ يعني الطيرة ـ كانت إليه أسرعَ من السّيل إلى منحدره، وتفتَّحت له أبواب الوساوس فيما يسمعه ويراه ويُعطاه، ويفتح له الشيطان فيها من المناسبات البعيدة والقريبة في اللفظ والمعنى ما يفسد عليه دينه وينكّد عليه عيشه؛ فإذا سمع سفرجلاً، أو أُهدي إليه تطيّر به، وقال: سفرٌ وجلاءٌ، وإذا رأى ياسميناً أو سمع اسمه تطيّر به، وقال: يأسٌ ومينٌ، وإذا رأى سوسنة أو سمعها، قال: سوءٌ يبقى سنةً، وإذا خرج من داره فاستقبله أعور أو أشل أو أعمى أو صاحب آفةٍ تطيّر به وتشاءم بيومه«(1).

3- التشاؤم: سبب في ضعف البصيرة وفساد الرأي، يقول الماوردي رحمه الله: «اعلم أنه ليس شيء أضر بالرأي ولا أفسد للتدبير من اعتقاد الطيرة، ومن ظن أن خُوار بقرة أو نعيب غراب يرد قضاء أو يدفع مقدوراً فقد جهل«(2).

4- يرى المتشائم أن جميع أسباب الشقاء انعقدت فيه، وأنه المبتلى الوحيد على ظهر الأرض، وأن جميع من حوله من الناس يعيشون في سعادة دائمة من غير حزن ولا هم ولا نصب، فيتناسى أن الناس جميعًا يبتلون بالمصائب والمتاعب وأفضلهم من يتجاوزها بتفاؤل وتوكل على الله تعالى، يقول تبارك وتعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ}(3).

5- التشاؤم يقضي على معاني المحبة والإخاء بين أبناء المجتمع ويزرع مكانها الشك والتنافر، وذلك من نظرته السوداء إليهم والتباكي لحاله والحسد على حالهم.

6-التشاؤم يساعد على ضعف البدن وإهماله لأن صاحبه يشغل جلّ وقته في التفكير بالأوهام والخيالات، فلا نفس له في الأكل أو الشراب أو الترويح أو الرياضة، فضلاً عن معالي الأمور والتفكير فيها.

7-التشاؤم يجعل صاحبه دائمًا في آخر الركب، ويوقفه عن المضي نحو البناء والتنمية والإنتاج.

8-التشاؤم يرمي صاحبه نحو الانطوائية والعزلة ومفارقة الأهل والأقارب والمجتمع الذين ينتمي إليه.

9-التشاؤم يدفع المتشائم أحيانًا إلى كبائر الإثم من تعاطي المخدرات وتناول المسكرات للخروج من الحالة التي يعانيها، وبل إنه يؤدي أحيانًا إلى الانتحار كحلٍّ نهائي لمشكلته، الأمر الملاحظ في كثير من المجتمعات التي لا تدين بالإسلام.

10-التشاؤم يقلّب المفاهيم والتصورات عند صاحبه، حيث يرى الأبيض أسودًا، والنور ظلمة، والحسن قبحًا، والصديق عدوًا، وهكذا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مفتاح دار السعادة ج 3/ 272.

(2) أدب الدنيا والدين ص 376.

(3) [ البلد: 4]



بحث عن بحث