معينات صناعة التفاؤل

يمكن الاستعانة ببعض الوسائل القولية والفعلية لإيجاد التفاؤل والأمل في النفس، ومن أهم هذه الوسائل:

1- النية الصادقة والخالصة لله تعالى، وأن ما تسعى إليه من وضع مشاريع أو خطط للوصول إلى أهداف سامية وغايات نبيلة إنما هي من أجل رضى الله تعالى وامتثالاً لأمره في العمل الصالح، حتى تتحقق المصلحة الكبرى للمجتمع والأمة، وأما ما يتبع ذلك من ثمرات مادية فإنما هي جزء من الجزاء الدنيوي، فضلاً عن الثواب الجزيل في الآخرة.

2- تجنّب الحسد والنظر إلى ما عند الآخرين، بل شارِك السعيد في سعادته على ما هو فيه، وآسي المبتلى على مصيبته وشاركه فيها، وبارك للناجح في تفوقه ونجاحه، يقول تبارك وتعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ}(1).

3- حسن الظن بالناس، وعدم محاسبة نواياهم، وعدم مصادرة آرائهم إذا خالفوك ضمن الضوابط الشرعية والعلمية، حتى يستفيد الجميع من وجهات النظر المختلفة، لأن كثرة الآراء والمقترحات تثري الموضوع المطروح أو الحدث النازل بإمكانية الوصول إلى نتيجة إيجابية ترضي جميع الأطراف ويعم الخير في كل الميادين، وبذلك يظهر التفاؤل الجماعي لدى جميع أبناء المجتمع. أما الأحادية في الطرح وإقصاء المخالف وعدم احتوائه فإنه من أسباب التمزق والنزاع وبالتالي ظهور النظرة السوداء إلى الواقع وإلى الأشياء في الخارج.

4- الاهتمام بالمظهر والجسم من حيث اللبس والأناقة والنظافة، حتى لا يرى فيك الناس تشاؤمًا وتكاسلاً وحبوطًا، فالهيئة الحسنة والأناقة تدفع الإنسان نحو التفاؤل والأمل كما تبث هذه الروح في نفوس الآخرين أيضًا.

5- استقبال الناس والسلام عليهم والاستماع إلى أحاديثهم بأريحية وابتسامة، ومناقشتهم بأحسن الحديث وأطيب الكلمات، لأن القلوب جبلت على قبول ذلك ولفظ ضدها من العبوسة والضيق على الوجه والغلظة والقساوة في الكلام.

وكما قال الشاعر:

قلتُ ابتسم يكفي التجهّم في السّما *** لن يرجعَ الأسفُ الصِّبا المتصرِّما

قال: السماءُ كئيبة وتجهّما *** قال: الصِّبا ولّى فقلت له ابتسم

6- مرافقة المتفائلين والناجحين في الحياة، والابتعاد عن رفقة الفاشلين والمتشائمين في الحياة، لأن المحيط الخارجي له دور كبير على حال النفس سلبًا أو إيجابًا، ومرافقة المتفائلين والاختلاط بهم والتنافس المحمود معهم يدفع بالطرفين نحو النجاح والنظر إلى الحياة بمنظار مليء بالأمل والخير والسعادة، وقد أرشد عليه الصلاة والسلام الأمة إلى هذا المَعْلم المهم حين قال: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل«(2).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [النساء: 32]

(2) أخرجه أبو داود (ص683، رقم 4833) كتاب الأدب، باب من يؤمر أن يجالس. والترمذي (ص542، رقم 2378) كتاب الزهد، باب الرجل على دين خليله. وأحمد (2/334، رقم 8398). قال الترمذي: حسن غريب.



بحث عن بحث