صور من التفاؤل والتشاؤم

أولاً: صور من التفاؤل:

قال ابن القيم – رحمه الله -: «كانت العرب تتفاءل فيسمون اللديغ سليماً«

فكانوا يسمون غالب، شجاع، وغلاب، ومهند، وحسام، تفاؤلا بالشجاعة. وسعيد، وسعد، تفاؤلاً بالسعادة. وأسد، وليث، وأسامة، تفاؤلاً بالقوة. الأسماء هي قوالب للمعاني، فالأسماء تؤثر بشكل كبير على المسميات، والمسميات تتأثر بالاسم من حيث القبح والحسن، كما قيل:

وقلما أبصرت عيناك ذا لقب         إلا ومعناه إن فكرت في لقبه

وكان ﷺ يستحب الاسم الحسن، وأمر إذا أَبْرَدُوا إليه بريدًا أن يكون حسن الاسم حسن الوجه، وكان يأخذ المعاني من أسمائها في المنام واليقظة، كما رأى أنه وأصحابه في دار عقبة من رافع، فأتوا برطب من رطب ابن طاب، فأوله بأن لهم الرفعة في الدنيا والآخرة، والعاقبة في الآخرة، وأن الدين الذي قد اختاره الله لهم قد أرطب وطاب(1).

وعن عكرمة أنه لما جاء سهيل بن عمرو، قال النبي ﷺ: «قد سهل لكم أمركم«(2).

وكان عليه الصلاة والسلام يحب أن يسمع: يا نجيح، ويا راشد، إذا خرج لحاجته.

وكذلك يكون التفاؤل في الأحوال، والأمكنة كالتفاؤل بالمدن وبعض المواقع المحددة كالحرمين الشريفين، وهكذا.

ثانيًا: صور من التشاؤم:

قال ابن القيم رحمه الله: «إن طائرهم ها هنا هو السبب الذي يجيء فيه خيرهم وشرهم، فهو عند الله وحده، وهو قدَره وقسمه، إن شاء رزقكم وعافاكم، وإن شاء حرمكم وابتلاكم«(3).

ومن صور التشاؤم:

- إطلاق بعضهم لمن يتشاءمون منه اسم (جوناس)، وهذا في غاية القبح، لأنه أضاف إلى وزر التشاؤم بالشخص التشاؤمَ بنبي من أنبياء الله تعالى وهو يونس بن متى عليه السلام، لأن أصل كلمة (جوناس) هو (يونس)، والكفار يتشاءمون منه لأن القرعة وقعت عليه لما كان في السفينة وأرادوا أن يلقوا بواحد منهم.

-      كما أن العرب كانت تتشاءم من الغراب لما يوحي به من الغربة لا سيما إذا كان أسود اللون، وكذلك الهامة وهي «البومة«.

-      ومن الشهور كانت تتشاءم من: صفر.

-      ومن الأيام: كيوم الأربعاء وليلة الأحد.

-      ومن الأشخاص: كالأعور والأحول.

ومن الأرقام: حيث كانت النصارى تتشاءم من الرقم (13) أما أهل البادية فكانوا يتشاءمون من الرقم(7).

ومن صور التشاؤم: الذهاب إلى الكهنة والمنجمين والاستماع إلى دجلهم وكذبهم حول ما يعاني منه بعض الناس من المشكلات، فيبشروهم ببعض الأحداث ويحذرونهم من أخرى.

ومن التشاؤم: تفسير ما يصدر من الإنسان من أحاسيس أو حركات غير إرادية، مثل رفيف العين: حيث يعدّونها رجوع المسافر، وطنين الأذن: يأولونها بوجود أحد يغتاب هذا الشخص ويطعن فيه.   

ومن التشاؤم: قراءة الأبراج في الجرائد والمجلات حسب الاسم وتاريخ الميلاد، والتصديق بما فيها من بشائر أو محاذير.

ومن التشاؤم أيضًا: اللجوء إلى بعض القنوات الفضائية التي تروج للسحر والشعوذة وتصديق ما يبث فيها من الدجل والكذب وبناء الأحكام على ذلك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) زاد المعاد 2 / 336-337.

(2) أخرجه البخاري (ص448، رقم 2732-2732) كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد.

(3) مفتاح دار السعادة (2/233).



بحث عن بحث