4 – مصاحبة المخلصين:

إن من أهم عوامل تكوين الإخلاص في النفس وتقويته وتصفيته لله تعالى، مصاحبة المخلصين والصالحين، لأن الإيمان يزداد وينقص، وبرفقة هؤلاء المخلصين

يزداد الإيمان وتصلح الأعمال، وفي مجالسة أهل الخير والصلاح ومصاحبتهم ذكر متواصل لله تعالى، وصلوات وقيام وإنفاق في سبيل الله، وكذلك فيها تذكير

بالعذاب والوعيد لمن يخالفه عن أمره تعالى، أي أن هناك تبادلاً في اكتساب الصفات والخصال في المصاحبة الطيبة، لذا يقول عليه الصلاة والسلام: «المرء

على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» (1).

5 – القراءة في السيرة النبوية وسير المخلصين:

حتى يكتسب الإنسان الإخلاص في العمل، ويسلك في ذلك السبيل الصحيح، لا بد أن يبحث في سيرة القدوة الأولى والمخلص الأول عليه الصلاة

والسلام، فهو أخلص الناس فعلاً وقولاً، فهو رسول الله إلى الله بهذا الدين وأحكامه وتشريعه، وهو الذي يحثهم على الأعمال الصالحة والإخلاص فيها،

وسيرته العطرة كلها دروس في كيفية التعامل بالإخلاص مع الله تعالى، من أجل ذلك كان لزامًا معرفة سيرته عليه الصلاة والسلام، حتى نتعبد الله تعالى

بالإخلاص كما كان عليه النبي ﷺ.

ثم لا بد من دراسة سير المخلصين من العلماء والقادة والعامة من المسلمين في التاريخ، ومعرفة ما كان عليه سلف الأمة من الاستقامة والصلاح

والإخلاص، حيث أثر هذه العوامل في نبوغهم العلمي، وتقدمهم المعرفي، وفي تكوين القوة والمنعة لهم في الحياة. 

6 – الدعــــاء:

والدعاء من المنافذ المباشرة التي يلبي الله تعالى لعباده ما يطلبونه ويرغبون فيه، ومن أهم الأمور التي تعين على كسب الإخلاص في العمل لله تعالى، هو سؤاله جل وعلا هذا الأمر، بالدعاء المستمر والملح، بكورًا وعشيًا، ودبر كل صلاة، وفي أي وقت شاؤوا، وفي أية حال، فإنه قريب من عباده، سميع بدعواتهم، ومجيب لها، لقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}(2) ويقول

تبارك وتعالى أيضًا: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}(3).

ويقول جلّ ذكره في آية أخرى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}(4).

7 – أن يقبل العبد على عمل صالح بصورة سرية ودائمة، لا يطلع عليه أحد من الناس، لأن ذلك يكون عنده الإخلاص لله تعالى، لأنه بعيد عن أنظار

الناس ومدحهم وثنائهم، وربما يشفع هذا العمل لهذا العبد يوم القيامة، ويدخله الجنة والنعيم، وليس من الضروري أن يكون عملاً كبيرًا وشاقًا، فرب عمل

صالح صغير يدوم عليه العبد، يربيه الله تعالى له، فيصبح كالجبال في الأجر والمثوبة، تقول عائشة رضي الله عنها عن حال النبي ﷺ: «وكان أحب الدِّين

إليه ما داوم صاحبه عليه» (5).
--------------------------
(1) أخرجه أحمد (2/ 334، رقم 8398). والحاكم (4/ 188).

(2) سورة البقرة، [186].

(3) سورة الأعراف، [ 55].

(4) سورة الزمر [53].

(5) أخرجه البخاري (ص10، رقم 43) كتاب الإيمان، باب أحب الدين إلى الله أدومه. ومسلم (ص318-319، رقم 785) كتاب صلاة المسافرين، باب فصل العمل الدائم.



بحث عن بحث