آثار الإخلاص:

 

إذا أخلص الإنسان في أعماله القلبية واللسانية والمالية وفي كل حركاته وسكناته، فإن الله تعالى سيجازيه على ذلك في الدنيا والآخرة، بالثمرات اليانعة والنتائج الإيجابية كما يلي:

1 – الإخلاص يجرد النفس من العوالق الدنيوية:

الإخلاص يرفع نفس الإنسان ويسمو بها إلى المعالي، ويطهرها من العوالق والأدران الدنيوية الزائلة، فيحل فيها حب الله تعالى، وحب رسوله ﷺ، ويحل

التجرد لله وحده، فيسعى بكل ما أوتي من جهد وقوة أن ينال رضا الله تعالى، وذلك بتقديم الأعمال الصالحة خالصة له جلّ وعلا.

والمتأمل في حال المصلي والمزكي والمتصدق والصائم والمجاهد في سبيل الله تعالى، سيجد أن الذي يدفعه إلى هذا العمل هو استجابته لأمر الله تعالى، إلا ما

رحم الله، وهناك بعض العبادات التي قد يخفيها الإنسان عن الآخرين، وتبقى بينه وبين الله تعالى فحسب، فلا يشوبها رياء ولا مجاملة ولا خداع، مثل الصيام

الذي لا يفيد صاحبه الرياء، ولا يحس من حوله إن أفطر، ومن أجل ذلك جاء الجزاء الإلهي للصائم، بقوله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: «الصوم لي

وأنا أجز به» دليل على أن الصائم مخلص في صيامه لله تعالى وليس فيه حظ أو جزاء دنيوي.

وكذلك الحال بالنسبة للذي يبيع روحه في سبيل الله استجابة لداعي الجهاد، فيترك الدنيا بزخرفها وبهارجها، ويترك القصر المشيد، والمركب الفاره، والعيش

الرغيد، ويترك الأهل والولد، امتثالاً لأمر الله، ونصرة للمسلمين، رغم طول المسافة ومشقة الطريق، وما يدفعه إلى ذلك إلا إخلاصه لله تعالى، ومن أجل

ذلك يكتب الله تعالى له الأجر العظيم في الآخرة، والعزة والنصر في الآخرة، وإن قُتِل فيكون شهيدًا، ويُغسل من الذنوب، ويدخل الجنة بغير حساب،

ويحشر مع الأنبياء والرسل، يقول الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ

وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}(1).

ذلك دلالة على أن النفس قد تحررت من أصفاد الدنيا وزخرفها، وانطلقت نحو الله تعالى، وقد وضعت الدنيا في يديها وتحت إرادتها، وليس العكس كما هي حال الكثيرين الذين ملكت نفوسهم الدنيا واستولت عليها من كل جانب.

2 – النجاة لما يتعرض له من المصائب:

ومن أثر الإخلاص لله تعالى في الأعمال، أنه يحفظ صاحبه من المصائب ويقيه شر الإنس والجن، ويدفع عنه ذلّ الأعداء وظلمهم، وحديث الرهط الثلاثة

شاهد على هذا الأمر، وكيف أن الصخرة انفرجت عنهم كاملة عندما كان لديهم رصيدًا من الإخلاص لله تعالى.

ليس هذا فحسب؛ بل إن الإخلاص لله تعالى يبعد عن صاحبه المصائب النفسية وآفاتها، لأنه يَحُول دون وصول الشيطان إلى النفس، ما دام صادقًا في قوله

وعمله وسلوكه مع ربه ومع الناس من حوله.

فالصلوات الخمس المفروضة في أوقات متفرقة في الليل والنهار، وصيام شهر رمضان، والزكاة والحج، والنوافل الأخرى من صلاة وصيام وصدقات، وذكر،

ودعوة وإحسان، كلها تدخل في العمل الذي يقي الإنسان من الشرور والمخاطر في الدنيا، ومن أجل سلامة المؤمن في دينه وعلاقته مع ربه، ومن أجل

سلامة جسمه وماله وأهله، حثّ الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام على بعض الأذكار والدعوات، في ليله ونهاره، كقراءة آية الكرسي وسورة الإخلاص

والمعوذتان، في كل صباح ومساء ثلاث مرات، وكذلك بعض الدعوات يقول عليه الصلاة والسلام: «من قال بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في

الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يصبح ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يمسي»(2).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي ﷺ يعوّذ الحسن والحسين ويقول: «إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة

من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة» (3).

وغيرها من الأوراد والأذكار التي حث النبي ﷺ المسلمين عليها، لتكون وقاية وحماية لهم في حياتهم وشؤونهم المختلفة.
-------------------------------
(1) آل عمران [169-170].
(2) أخرجه أبو داود (ص716، رقم 5088) كتاب الأدب، باب ما يقول: إذا أصبح. والترمذي (ص773، رقم 3388) كتاب الدعوات. وكذلك أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه.
(3) أخرجه البخاري (ص565، رقم 3371) كتاب الأنبياء، باب (10).



بحث عن بحث