ومن هذه الأعمال الصالحة النابعة من الإخلاص ما يلي:

3- الأعمال العبادية المباشرة:

ويقصد بها، الأعمال التي أمر الشرع بوجوبها، والتي تحمل الصفة الخيرية والجزاء من الله تعالى، فهي كل ما يقوم به الإنسان من عبادة أُمر بها من كتاب الله تعالى وسنة نبيه ﷺ، وعلى رأسها:

1- الصلاة:

وهي من أركان الإسلام الخمسة، وهي أقوال وحركات يؤديها الله تعالى خمس مرات في اليوم والليلة، في أوقات محددة، بالهيئة نفسها التي كان يؤديها الرسول عليه الصلاة والسلام، وهي عمود الدين، من أنكرها فقد كفر، وهي أول ما يُسأل عنها الإنسان يوم القيامة، يقول تبارك وتعالى:

{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا}(1)ويقول عليه الصلاة والسلام: « بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة»(2).

فإذا أخلص المسلم أداء هذه الفريضة كما يريده الله تعالى، فإنه يعد من المؤمنون الصادقين الذين حكى عنهم الله تعالى في آيات كثيرة من كتابه المبين،

كقوله تعالى: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ. أُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}(3). ويكون بعد ذلك أثرها النفسي كثيرًا.

2- الصيام:

وهذا الركن الإسلامي هو من أكثر الأركان بيانًا لمدى إخلاص الإنسان فيه؛ لأنها عبادة قائمة بين الإنسان وربه بحيث لا يقبل الرياء أو الجزاء

في الدنيا من جاه أو مال أو شهرة وغيرها، ومن أجل ذلك تكفل الله تعالى، بمجازاة الصائم مباشرة، لقول النبي ﷺ فيما يرويه عن ربه في الحديث

القدسي: « قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة»(4).

3- الحج:

والحج ركن من أركان الإسلام، وهو عبادة، يمزج بين الذكر والفعل، إلا أن الجانب الفعلي والحركي أكبر من الجانب القولي، لذا أعدّه كثير من أهل العلم

بأنه عبادة بدنية؛ لكثرة التنقلات والأسفار فيه، ما بين المشاعر وأداء المناسك، يقول الله تعالى: {وَلِلَّـهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}(5)، والمسلم الذي يخلص في أداء هذا الركن بأركانه، يرجع كيوم ولدته أمه خاليًا من الذنوب والخطايا، لقوله ﷺ: «من حجّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق

رجع كيوم ولدته أمه»(6).

4- الإحسان إلى الآخرين:

والإحسان باب واسع من أبواب العمل الصالح، ويترتب على الإخلاص فيه أجر من الله تعالى؛ لأنه يشمل كل أنواع الخير والرحمة زيادة عما افترضه الله

تعالى، فهو لا يتوقف عند عمل معين أو ذكر محدد، ولا يتوقف هذا الإحسان إلى البشر فحسب، بل يتعداهم إلى الدواب والطيور وجميع الكائنات

الأخرى، والتوجهيات الإسلامية واضحة وصريحة في هذا الباب، يقول عليه الصلاة والسلام فيما يرويه أبو هريرة رضي الله عنه «أن امرأة بغيا رأت كلبا في

يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش فنزعت له بموقها فغفر لها»(7).

وينصح عليه الصلاة والسلام الأمة بالرحمة إلى الدواب قائلاً: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح

وليحد أحدكم شفرته فليرح ذبيحته»(8).
------------------------
(1) النساء [103].
(2) أخرجه مسلم (ص51، رقم 82) كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة.
(3) الأنفال [103-104].
(4) أخرجه البخاري (ص306، رقم 1904) كتاب الصوم، باب هل يقول إني صائم إذا شتم. ومسلم (ص468، رقم 1151) كتاب الصيام، باب صفة اللسان للصائم.
(5) آل عمران [97].
(6) أخرجه البخاري (ص568، رقم 1350) كتاب المحصر.
(7) أخرج مسلم (ص996، رقم 2245) كتاب السلام، باب فضل سقي البهائم.
(8) أخرجه مسلم (ص873، رقم 1955) كتاب الصيد والذبائح، باب الأمر بالإحسان في الذبح.



بحث عن بحث