ومن هذه الأعمال الصالحة النابعة من الإخلاص ما يلي:

1- الأعمال القلبية:

وهي أحاسيس القلب وأحاديثه وتصوراته نحو خالقه جل شأنه، بصورة تنعكس على واقع الإنسان في حركاته وسلوكه، ومن الأعمال القلبية التي تربط الإنسان بربه:

- التوكل على الله تعالى: وهو الاعتماد على الله تعالى بعد الأخذ بالأسباب، ويجازى الإنسان عليه، بل سبب في حفظه من المكاره والشرور، لقول الله تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}(1).

- الرجاء والطمع في رضى الله تعالى ورحمته وجنته، وهو يدخل في باب حسن ظن الإنسان بربه وهو عمل قلبي، يقول الله تعالى: {تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}(2).

ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي: «إن الله يقول: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني»(3).

ويقول ﷺ في الحديث القدسي: «قال الله عز وجل: إذا همّ عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه فإن عملها فاكتبوها سيئة وإذا همّ بحسنة فلم يعملها فاكتبوها حسنة فإن عملها فاكتبوها عشرا»(4).

- الخوف منه جل وعلا، فلا يغطى جانب الرجاء على جانب الخوف في الإنسان، بل لا بد من توازن بينهما لقوله تبارك وتعالى في الآية السابقة: {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا}(5) وهو من الأعمال القلبية التي يرتبط العبد بربه ويحدد مدى إخلاصه له جلّ وعلا.

- الشكر على نعم الله وآلائه التي لا تعد ولا تحصى، شكرًا قلبيًا صادقًا لله تعالى، حيث يقول الله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}(6).

- الصبر على الابتلاءات المختلفة التي يُبتلى بها الإنسان في حياته، من فقر أو مرض، أو ظلم، أو حبس، أو غير ذلك؛ فالعمل الصالح القلبي يكمن في مدى تصبر هذا الإنسان لقضاء الله تعالى وقدره، ومدى تقبله وترضيه لأمر الله تعالى، والآيات القرآنية ملئية بالجزاء الكبير للصابرين في هذه الحياة، منها قوله تعالى: {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}(7).

ويقول عليه الصلاة والسلام: «عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له»(8).

كل هذه الأعمال القلبية وغيرها كثيرة ومتفرعة تدخل ضمن العمل الصالح الخالص لله تعالى.
------------------------
(1) الطلاق [3].
(2) السجدة [16].
(3) أخرجه مسلم (ص1169، رقم 2675) كتاب الذكر، باب فضل الذكر والدعاء. والبخاري (ص1272، رقم 7405) كتاب التوحيد.
(4)
خرج مسلم (ص68، رقم 128) كتاب الإيمان، باب إذا هم العبد بحسنة كتبت، وإذا هم بسيئة لم تكتب.
(5) السجدة [16].
(6) إبراهيم [7].
(7) البقرة [177].
(8) أخرجه مسلم (ص1295، رقم 7500) كتاب الزهد، باب المؤمن أمره كله خير.



بحث عن بحث