الاستقامة والمرض النفسي

من فضل الله تعالى أن أهم ما يشرح صدر المؤمن، ويضفي عليه السكينة – كما سبق – استقامته الحقة على شرع الله تعالى، واتباعه لهدي نبيه ﷺ، فهذا من أهم العناصر للطمأنينة والسكينة، وعدم القلق والاضطراب والشكوك والأوهام.

وحتى تؤتي الاستقامة أكلها مع شرائح المجتمع عامة والمريض النفسي خاصة، لا بد من بعض الإجراءات أو اتباع بعض التوجيهات، للتغلب على الأمراض النفسية وتخفيف وطأتها على الإنسان المريض، ومن تلك التوجيهات – وهي جزئيات الاستقامة – لكن ينص عليها بخصوصها:

 

1-   الثقة بالله تعالى:

وذلك باللجوء إليه وحده بالدعاء وتقديم الطاعات بين يديه، والثقة المطلقة أنه هو الشافي الأول والأخير، وأنه الذي بيده مقاليد الأمور، فلا يتحرك ساكن، ولا يسكن متحرك إلا بأمره، والكون كله بقضبته، وأنه على كل شيء قدير، ثم أنه هو الذي ابتلى عبده بالمرض وهو الذي يشفيه، لقوله تبارك وتعالى: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}(1).

والله تعالى عند حسن ظن عبده به، فلا يسيء العبد الظن بربه فيتعب ويشفى، ومن ثم يطول المرض أو ربما لا يبرأ منه أبدًا.

 

2-التفاؤل وتقوية الإرادة:

إن المرض ابتلاء من الله تعالى، وهو حالة ضعف يصيب الإنسان، وبالتالي فإن هذه الحالة تحتاج إلى الصبر وقوة في الإرادة، والابتعاد عن كل ما يحدث اليأس أو القنوط من رحمة الله تعالى بالشفاء، فإن الصبر على المرض يعدّ نصف العلاج، وإن الصابرين والمتفائلين لديهم قابلية الشفاء أكثر من غيرهم، يقول تبارك وتعالى: {وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}(2).

 

3-   التداوي:

ولا بد للمريض النفسي وغير النفسي، أن يأخذ بالعلاج ويتناول الدواء الذي يصفه الطبيب المختص إلى جانب قراءة القرآن والدعاء، ما دام هذا الدواء مباحًا وغير محرم، ويعدّ هذا من باب الأخذ بالأسباب، ولكي يتحقق مفهوم التوكل بالمعنى الصحيح، ثم إن النبي ﷺ يقول بصريح العبارة: «يا عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو قال دواء إلا داء واحدا قالوا يا رسول الله وما هو قال الهرم«(3).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [الشعراء: 80]

(2) [يوسف: 87]

(3) أخرجه الترمذي (ص 469-470، رقم 2038)



بحث عن بحث