تدوين هذا العلم

 

نجد أن تدوين النقد تدرّج ومرّ بأربع مراحل، حتى أصبح عِلماً مستقلاً لا يختلط معه غيره.

المرحلة الأولى:

التي هي مرحلة الظهور والنشأة، فقد كان النقد عبارة عن ملاحظات واستدراكات وتصويبات، كانت تُدون بهوامش المرويات، وكانت نواة للمسانيد المعللة التي كانت تضم خليطاً من المعارف الحديثة.

المرحلة الثانية: 

فقد نمت تلك الملاحظات بعض الشيء، وبدأت تنفصل عن كتب الحديث حتى أخذت مسميات خاصة، ولكن طابعها العام كان طابع التلازم بين نقد الرجال والكلام على اختلاف الحديث وعلله، مثل: مؤلفات ابن معين، وأحمد، وابن المديني على أن هذا لم يكن كلّية ليس لها استثناء، فقد ظهر في هذا العصر مؤلفات كانت تأخذ طابع الاختصاص والاستقلال، مثل: المؤلفات الخاصة بالأسماء والكنى والضعفاء والمدلسين. (1)

المرحلة الثالثة:

ثم انفصلت مادة العلل عن مادة نقد الرجال، وأصبحت كل واحدة منهما منفصلة عن الأخرى، مثل: مؤلفات ابن أبي حاتم، فبعد أن كانت مادة العلل متداخلة في مادة نقد الرجال، جعل كل واحدة منهما مستقلة عن الأخرى، ولكن مع ذلك ظهرت مؤلفات لنقّاد آخرين في هذا العصر، ساروا على المنهج السابق في مزج العلل بتراجم الرجال

ككتاب الضعفاء للعقيلي، والمجروحين لابن حبان البستي، والكامل لابن عدي، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي.

المرحلة الرابعة:

مما تجدر الإشارة إليه أن النقاد كانوا يدونون مادتهم النقدية في الرواة وعلل الأحاديث اعتماداً على الأسانيد، وخاصة فيما يرد من ذلك على ألسنة المتقدمين، غير أنه لما تجمع للمتأخرين من هذه المادة ما تفيض به الكتب، فضلاً عن كثرة الأسانيد وطولها،

عمد النقاد إلى حذف هذه الأسانيد والاكتفاء بالمادة النقدية ذاتها كما هو حال كتب المزي والذهبي وابن حجر.(2)

المرحلة الخامسة:

لقي العصر الحديث أهتمام بموضوع "نقد المتن الحديثي"  اهتماماً بالغاً؛ لكثرة الكلام حوله من قبل المستشرقين وغيرهم، مما أدى ببعض الباحثين أن يخصوه ببحوث مستقلة.

   ونحت إلى إبراز جهود المتقدمين في نقد المتن، لادّعاء الادعياء،  أن نقدهم كان محصوراً في نقد السند فحسب،

 ومن هؤلاء الأعلام المعاصرين،  المعلمي في كتابه: " الأنوار الكاشفة لما في كتاب ( أضواء على السنة )  من الزلل والتضليل والمجازفة "، وله أيضاً: "الاستبصار في نقد الأخبار": رسالة مختصرة وصغيرة.

     وكتابات العلامة الألباني،  والأعظمي، ونور الدين عتر، وغيرهم جاءت هذه الكتابات رداً على هؤلاء المستشرقين وأذنابهم،

والدكتور عبد الله بن ضيف الله الرحيلي. في "حوار حول منهج المحدثين في نقد الروايات سندا ومتنا"، و يدور الكتاب حول حوار دار بين المؤلف وشخص آخر حول منهج المحدثين في نقدهم للسند والمتن في الرواية.

والدكتور مسفر الدميني – حفظه الله – بعنوان: " مقاييس نقد متون السنة ".

 والدكتور صلاح الدين بن أحمد الإدلبي في كتابه: " منهج نقد المتن عند علماء الحديث النبوي".

والدكتور محمد طاهر الجوابي في كتابه: "جهود المحدثين في نقد متن الحديث النبوي الشريف".


(1) انظر كاهتمام المحدثين بنقد الحديث سندا ومتنا ودحض مزاعم المستشرقين وأتباعهم، محمد لقمان السلفي

(2) انظر: حوار منهج المحدثين في نقد الروايات سندا ومتنا ص: 62

                                                   



بحث عن بحث