نصيحة من القلب إلي الأزواج(1) (3-3)

 

أيها الزوج!

زوجتك هي حاملة أولادك، وراعية أموالك، وحافظة أسرارك. اخفض الجناح معها، وأظهر البشاشة لها، فالابتسامة تحيي النفوس وتمحو ضغائن الصدور، والثناء على الزوجات في الملبس والمأكل والزينة جاذب لأفئدتهن، وقد أباح الإسلام الكذب مع الزوجة لزيادة المودة لها. والهدية بين الزوجين مفتاح للقلوب، تنبئ عن محبة وسرور، والتبسط معها ونبذ الغموض والكبرياء من سيما الحياة السعيدة، يقول عمر بن

الخطاب رضي الله عنه: (ينبغي للرجل أن يكون في أهله كالصبي -أي في الأنس والسهولة - فإن كان في القوم كان رجلاً)(2)  .

وكن زوجاً مستقيماً في حياتك تكن هي بإذن الله أقوم، ولا تمدن عينيك إلى ما لا يحل لك، فالمعصية شؤم في بيت الزوجية، ومشاهدة الفضائيات يقبّح جمال الزوجة عند زوجها، وينقص قدر زوجها عندها، فتتباعد القلوب، وتنقص المحبة، وتضمحل المودة، ويبدأ الشقاق، ولا أسلم من الخلاص منها. وكن لزوجتك كما تحب أن تكون هي لك في كل ميادين الحياة، فإنها تحب منك كما تحب منها، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (إنِّي أُحِبّ أَنْ أَتَزَيَّن لِلْمَرْأَةِ , كَمَا أُحِبّ أَنْ تَتَزَيَّن لِي)(3)  

واستمع إلى نقد زوجتك بصدر رحب وبشاشة خلق، فقد كان نساء النبي صلى الله عليه وسلم يراجعنه في الرأي فلا يغضب منهن،

ومن علو النفس أن لا يأخذ الزوج من مال زوجته شيئاً إلا برضاها، فمالها ملك لها، وأحسن إليها بالنفقة بالمعروف ولا تبخل عليها،

وتذكر أن زوجتك تود الحديث معك في جميع شؤونها فأرعِ لها سمعك، فهذا من كمال الأدب،

ولا تعُد إلى دارك كالح الوجه عابس المحيّا، فأولادك بحاجة إلى عطفك وقربك وحديثك، فألن لهم جانبك، وانشر بين يديهم أبوتك، ودعهم يفرحون بتوجيهك وحسن إنصاتك، فقد كان النبي صلي الله عليه وسلم   «إذا رأى ابنته فاطمة قال لها: مَرْحَبًا بِابْنَتِي، ثم يجلسها عن يمينه أو شماله»(4) .

والحنوُّ على أهل البيت شموخ في الرجولة، يقول البراء رضي الله عنه: (دخلت مع أبي بكر رضي الله عنه  على أهله فإذا ابنته عائشة مضجعة قد أصابتها حمى، فرأيت أباها أبا بكر يقبل خدها ويقول: كيف أنت يا بنية؟)(5)

والقيام بأعباء المنزل من شيم الأوفياء، عَنْ عَائِشَةَ أنها سُئِلْتُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: (كَانَ بَشَرًا مِنْ الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ وَيَحْلُبُ شَاتَهُ وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ)(6)  .

والكرم بالنفقة على أهل بيتك أفضل البذل، ولا يطغى بقاؤك عند أصحابك على حقوق أولادك، فأهلك أحق بك،

ولا تذكِّر زوجتك بعيوب بدرت منها، ولا تلمزها بتلك الزلات والمعايب،

واخف مشاكل الزوجين عن الأبناء، ففي إظهارها تأثير على التربية واحترام الوالدين، والغضب أساس الشحناء،

وما بينك وبين زوجتك أسمى أن تدنسه لحظه غضب عارمة. وآثر السكوت على سخط المقال، والعفو عن الزلات أقرب إلى العقل والتقوى، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه  : (النساء عورة، فاستروهن بالبيوت، ودَاووا ضعفهن بالسكوت) .

إن حق الزوجة على الزوج عظيم، أُسرت بالعقود وأوثِقت بالعهود. الزوجات يكرمهن الكريم، ويعلي شأنهن العظيم، تقول عائشة رضي الله عنها: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ!!»(7) .


(1) من خطبة للشبخ عبد المحسن بن محمد القاسم بالمسجد النبوي بتاريخ 9/5/1423هـ بإختصار. نقلته أمة الله بنت عبد المطلب مشرفة المنتديات النسائية بموقع مكتبة المسجد النبوي الشريف في كتاب أسمته رفقاص بالقوارير وذكرت فيه:[ لقد قمت بجمع هذه الموضوعات من المواقع الإسلامية التي على منهج السلف الصالح أهل السنة والجماعة بعد مراجعتها وإعدادها لتصل إليكم في شكل يناسب الأسرة المسلمة التي تريد الاستقامة على منهج الله فتظفر بالسعادة في الدنيا والآخرة، وقد تعمدت ذكر بعض الأخلاق الكريمة التي يجب أن تتحلى بها الأسرة مثل الصبر وإصلاح عيوب النفس والتي هي من سبيل الفوز في الدارين.

وتم تمييز الآيات القرآنية مع بيان رقم السورة والآية، وتم حذف الأحاديث الضعيفة ووضع الأحاديث الصحيحة عوضاً عنها مع تخرج كافة الأحاديث والآثار واستبدال الألفاظ غير المطابقة لما ورد في دواوين الإسلام بما هو وارد فيها، ولو كان الحديث في أحد الصحيحين فأكتفي بذكرهما، وإن كان في غيرهما فاقتصر على ذكر بعض الطرق الصحيحة وبخاصة من السنن الأربعة، ثم اذكر رقم الحديث حسبما ورد في كتب السنة، كما وردت في المقالات بعض العبارات بدون ذكر الدليل عليها فتم إضافة الأدلة الصحيحة في الهوامش، فما كان من توفيق فمن الله وحده وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان ]

(2) البيهقي في الشعب 6/292

(3)  الطبري 3765، وابن أبي حاتم 2335، البيهقي في السنن الكبرى 15125، وابن أبي شيبة 4/183

(4) أخرجه مسلم 2450، وهو أيضا عند البخاري 3426

(5)  أخرجه البخاري 3704

(6)  أحمد  24998

(7)  البخاري 3607

 

 



بحث عن بحث