رعاية النساء في ضوء سورة النساء  (13-15)

 

المطلب الثاني: التعليم والتأديب والتربية

اهتم الإسلام بالعلم وحث على طلبه، وبيّن فضله، فقال تعالى: ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) (1).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سهل الله له به طريقاً إلى الجنة ) (2).

وقد حث الإسلام على تعليم المرأة ولو كانت أمة، فعن أبي بردة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أي رجلٍ كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها وأدبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران ) (3).

ولقد احتلت المرأة المسلمة مكانة علمية عالية في العقيدة والفقه والفرائض والحديث وقراءة القرآن، والفتوى والطب، وقامت برسالتها العلمية خير قيام (4).

والله عز وجل في هذه السورة أوصى بالمرأة وحث على تعليمها وتأديبها وتربيتها.

ولا شك أن تأديبها خيرٌ لها في الدنيا والآخرة، فقال تعالى: ( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ...)  (5).

أي: يا معشر الوالدين عندكم ودائع قد وصاكم الله عليهم وهم أولادكم ذكوراً وإناثاً، لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فتعلمونهم وتؤدبونهم وتكفونهم من المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله، وملازمة التقوى على الدوام (6).

وقال تعالى: ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء ....) (7), أي: قوامون بإلزامهن بحقوق الله تعالى من المحافظة على فرائضه وكفهن عن المفاسد والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك بالإضافة إلى النفقة والكسوة والسكن (8).

وقوله تعالى :  ( فَعِظُوهُنَّ ) تأكيد على أهمية تأديب المرأة وتعليمها، وأنه هو أول مراتب التأديب التي يجب اتباعها لكي تتحقق المصلحة لكليهما.

وتعليم المرأة وتأديبها من أهم صور الإحسان التي أمر الله بها، ومن ذلك قوله تعالى: ( وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ ? فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى? يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ) .(9)

قال القرطبي: ( لما ذكر الله تعالى في هذه السورة الإحسان إلى النساء وإيصال صدقاتهن إليهن، وانجر الأمر ذكر ميراثهن مع مواريث الرجال، ذكر أيضاً التغليظ عليهن فيما يأتين به من الفاحشة لئلا تتوهم المرأة أنه يسوغ لها ترك التعفف(10).

وهذا إنما يكون بالحرص على تعليمها وتأديبها وتربيتها، والتغليظ عليها إن لزم الأمر كذلك، وهذا كله فيه رعاية وصيانة وحفظ لها.


 


(1) سورة فاطر:28.

(2)  أخرجه الإمام أحمد: 52/252، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وصححه الألباني – رحمه الله – في صحيح الجامع الصغير: 2/1079.

(3) أخرجه البخاري، مع الفتح، كتاب النكاح: باب اتخاذ السراري، ومن أعتق جارية ثم تزوجها: 9/126.

(4) المرأة المسلمة المعاصرة 60-63.

(5) سورة النساء: 11

(6)  السعدي: 173.

(7) لنساء: 34.

(8)ير السعدي: 185.

(9) النساء:15.

(10) القرطبي: 5/82.

 

 



بحث عن بحث