الحلقة (103)آثار العمل بالقواعد المنهجية في فهم السنة (1-2)

هذا ما أدّى إليه الاجتهاد في جمع ما ذكره أهل العلم من قواعد منهجية تفيد في فهم السنةالنبوية والعمل بها، ولذا أحسب أن من عمل بهذه القواعد، وتحرى الصواب مع الإخلاص والصدق فإن ذلك سيورث له آثارًا عظيمة في سلامة منهجه، وصحة استنباطاته، وعدم انحرافه، وتقليل هفواته.

ومن أهمِّ هذه الآثار:

1- أن يعبد العبد ربه على بصيرة محققًا قوله تعالى لنبيه ﷺ: {قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِين}(1).

ووجه الدَّلالة أن البصيرة هنا عامة مما تعين على وضوح الطريق وسلامة الرؤية في هذه الدعوة، ومنها صحة الاستدلال، وصحة النظر إلى مراد رسول الله ﷺ، وتحري الصواب في ذلك؛ وبخاصة مع تشعّب الآراء، وكثرة الطوائف، والادعاءات بأن كلام الحق معه، فإذا ما اتضح المنهج فبسلامته يسلم الاستدلال.

وهذا من أهمِّ العوامل لصحَّة التعبد لله سبحانه وتعالى الذي تنبني عليه سعادة العبد في الدنيا والآخرة.

2- العمل بهذه القواعد يزيد اليقين بكمال هذا الدين وتمام النعمة فيه كما قال سبحانه وتعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}(2).

ولا يمكن بغير هذه المنهجية أن تتضح هذه اليقينية الكبرى، ويبقى عند ذلك فراغ في مستجدات الحياة لا يوجد لها حكم أو استنباط أو مستند من قاعدة، أو قياس.

3- وبهذه المنهجية تتضح سلامة الاتباع للنبي ﷺ وعدم الوقوع في البدعة أو الانحراف إلى المناهج الأخرى، وبهذا يتحقق لمتبع هذه المنهجية قوله عليه الصلاة والسلام:«عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة»(3)، فهذه المنهجية عاصمة بإذن الله من قواصم الانحراف أيًّا كان نوعه، وبها يتحقق انضمام المسلم إلى الطائفة المنصورة المذكورة في قوله عليه الصلاة والسلام:«لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم»(4)، وعند الترمذي:«وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة»، قال: ومن هي يا رسول الله؟ قال: «ما أنا عليه وأصحابي»(5).

وهذا يقود بإذن الله إلى الوصول للحق العاصم من الوقوع في الزلل والانحراف.
________________________

1-[يوسف: 108]
2- [المائدة: 3]
3- (صحيح الجامع[2549])
4-(صحيح الجامع[1773])
5-[2641]



بحث عن بحث