الحلقة (74): السنة النبوية ومقاصد الشريعة(4-5)

* خطورة المقاصد:

لا شك أن قضية المقاصد قضية دقيقة تحتاج إلى فقه دقيق لمعرفتها وفقهها، ومن هنا تكمن خطورتها، وخطورة التعامل معها فيجب أن يكون المتعامل معها عالـمًا فقيهًا حصيفًا، ومن مكامن الخطورة:

1 ـ ضرورة التفريق بين مقاصد الشارع لتكليف معين وبين مقاصد المكلف لفعل معين، فللصلاة مثلًا قصد شرعي من خلال تكليف الشارع بها، لكن مقاصد المكلفين مختلفة، والخطورة في تحميل مقصد الشارع ما يقصده المكلف، وهنا يلزم التنبه والتفريق، وتفصيل هذا يطول.

 

2 ـ اختلاط المقاصد بالهوى والرغبات، وهذا لا يقل خطورة عن الأول، إذ أن مخالفة إتباع الهوى من المقاصد الشرعية، وكثير من الأعمال يمتزج فيها الأمران، وهنا يلزم الدقة، فالنظر هنا إلى الأسبق منهما، والذي يجب أن يكون فيه الهوى تابعًا للمقصد الشرعي، وهذا مما يلزم فقهه للمكلف وللتفصيل في هذه العلاقة يمكن أن يفقط فيما يلي:

أ ـ أن المقصد الأساس عبادة الله سبحانه وتعالى سواء وافقت هوى النفس، أو خالفته.

ب ـ ذم الهوى مقصد من المقاصد.

ج ـ إذا كان الباعث والمقصد للعمل وإن كان ظاهره الصلاح فمآله إلى البطلان؛ لأن الأصل اتباع الشرع، وليس الهوى.

د ـ الحرص على مخالفة الهوى ولو كان ظاهر العمل الصلاح لأنه يؤدي إلى مقاصد غير شرعية، كالرياء، والسمعة، والشهرة، وحب الظهور... إلخ.

3 ـ من مكامن الخطورة أن كثيرًا من المقاصد تأتي عامة، لكن التطبيقات عليها تحتاج إلى فقه وضبط، وهذا قد يفوت على كثيرين، مثل مقصد: التيسير ورفع الحرج، وهذا المقصد لا شك أنه مضبوط بالأدلة الشرعية، وهذا تختلف فيه الأنظار مما قد يؤدي إلى الانزلاق في التساهل وترك الدليل، أو يؤدي إلى فقدان هذا المقصد والتشديد على النفس، وقصة الثلاثة الذين جاءوا لأزواج النبي ﷺ يسألون عن عبادته، من أكبر الأدلة على ذلك في غياب المقصد. فينتبه.



بحث عن بحث