الحلقة(21)القاعدة الأولى من القواعد المنهجية في فهم السنة والعمل بها: الإخلاص(1- 2)

إنمن فضل الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة أن قيض لها في كل عصر من يحمل هذا العلم ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين رجال اشتدت عنايتهم بضبط أسانيد شريعتهم بما لم تُعنَ به أمة قبلهم حفظوا عن نبيهم ﷺ كل أقواله وأفعاله وأحواله، ثم اجتهدوا في التوثق من صحة كل حديث واحتاطوا أشد الاحتياط في النقل وفق ضوابط محددة ومنهجية ثابتة.

وهذه القواعد تكون بمجموعها المنهجية لفهم السنة الفهم الصحيح بإذن الله.

القاعدة الأولى: الإخلاص

(صلاح العمل مرتبط بصلاح القلب، وصلاح القلب مرتبط بصلاح النية، فاطلب النية قبل العمل).

فالعمل الذي لا يصحبه الإخلاص صورة بلا حياة، وجثة بلا روح، والله تعالى إنما يريد من الأعمال حقائقها لا رسومها وصورها، وجاء في الحديث الصحيح أن النبي ﷺ قال:«إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»⁽¹⁾

وليس تشديد الإسلام في طلب الإخلاص، وتأكيده على تجريد النية لله، وتصحيح الاتجاه إليه وحده: ضربًا من التشديد أو العبث؛ فإن الحياة نفسها لا تستقيم ولا ترقى إلَّا بالمخلصين، وأكثر ما يصيب الأمم والجماعات من النكبات والكوارث القاصمة إنما يجره عليها أناس لا يرجون الله والدار الآخرة.

إن الإسلام لا يرضى للمسلم أن يعيش بوجهين: وجه لله، ووجه لشركائه، ولا أن تنقسم حياته إلى شطرين: شطر لله وشطر لغيره، فالإسلام يرفض الثنائية المقيتة، والازدواجية البغيضة، التي نشهدها في حياة المسلمين اليوم، فتجد الرجل مسلمًا في المسجد أو في شهر رمضان، ثم هو في حياته، أو في معاملاته، أو في مواقفه إنسان آخر.

إن الإخلاص هو الذي يوحد حياة المسلم، ويجعلها كلها لله، فصلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين.
__________________________________
(1)(صحيح مسلم[4651]).