الحلقة (49): فهم النص النبوي وفق الدلالة الشرعية ثم اللغوية ثم العرفية(1-2)

وهي الأداة الثانية الموصلة إلى فقه النص، ومعرفة دلالته.

اللفظ العربي وهو الذي يتكون منه النص الشرعي، قد يكون له دلالة شرعية أوسع أو أخص من الدلالة اللغوية فيؤخذ بذلك، وإن لم يكن فبدلالته اللغوية، فإن لم يكن فبدلالته العرفية.

ذلك أن الأسماء ثلاثة أنواع:

     الأول: يعرف حده بالشرع مثل: الإيمان، الصلاة، الزكاة، الصوم،  الحج.

     الثاني: يعرف حده باللغة مثل: الشمس، القمر، الليل، النهار.

     الثالث: يعرف حده بالعرف مثل: القبض.

والألفاظ الشرعية وإن كانت عربية في الأصل إلا أنه لابد من معرفة مراد الشارع الذي نقل تلك الألفاظ عن مدلولاتها الأصلية إلى معانٍ بينها وبين المعنى الأصلي نوع اشتراك فجنس ما دل عليه القرآن ليس من جنس ما يتخاطب به الناس، وإن كان بينهما قدر مشترك، فإن الرسول ﷺ جاءهم بمعان غيبية لم يكونوا يعرفونها، وأمرهم بأفعال لم يكونوا يعرفونها، فإذا عبر عنها بلغتهم كان بين معناه وبين معاني تلك الألفاظ قدر مشترك، ولم تكن مساوية بها، بل تلك الزيادة التي هي من خصائص النبوة لا تعرف إلا منه.

فالصلاة في أصل اللغة: الدعاء، فجاء الشرع مخصصًا الصلاة بأقوال وأفعال وهيئات معينة.

والزكاة في أصل اللغة: النماء والزيادة، فجاء الشرع مخصصًا معناها بما يدفع من حق معلوم لمستحقيه باعتبار ذلك الدفع طريقًا للنماء والزيادة.

والصوم في أصل اللغة: مطلق الإمساك، فجاء الشرع مخصصًا معناه بالامتناع عن أشياء معينة في أوقات معينة.

والحج في أصل اللغة: القصد، فخص الشرع ذلك القصد بأنه القصد لبيت الله الحرام لأداء أعمال معينة.

فالشرع إذًا لم ينقل تلك الألفاظ ـ وغيرها ـ عن معانيها اللغوية بالكلية، ولم يبق عليها كما هي في أصل اللغة، بل خصصت تخصيصًا شرعيًا ببعض مواردها كما أن عرف الناس يخصص بعض الألفاظ ببعض مواردها.





بحث عن بحث