تبشير الكتب السماوية السابقة به صلى الله عليه وسلم(5)

 

7ـ قال تعالى " ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )[ سورة الأحقاف / 10 ] .

تتضمن هذه الآية الكريمة شهادة حبر من أعظم أحبار اليهود ومن أوسعهم علما ، شهد له بهذا قومه أمام المصطفى صلى الله عليه وسلم ، إنه عبد الله بن سلام الذي من الله عليه بمعرفة الحق واتباعه بما أتاه الله من العلم ، فلما سمع القرآن علم أنه الوحي الناطق بالحق ، وإنه من جنس ما نزل على الأنبياء قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم .

جاء في فتح القدير : " وشهد شاهد من بني إسرائيل العالمين بما أنزل الله في التوراة على مثله ( أي القرآن ) من المعاني الموجودة في التوراة المطابقة له من حيث إثبات التوحيد والبعث والنشور وغير ذلك وهذه المثلية هي باعتبار تطابق المعاني وإن اختلفت الألفاظ ، فآمن الشاهد وهو عبد الله بن سلام بالقرآن لما تبين له أنه من كلام الله ومن جنس ما ينزله الله على رسله "(1) .

وقصة إسلام هذا الحبر مشهورة ، فعندما قدم الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة نظر ابن سلام إلى وجه الرسول صلى الله عليه وسلم نظرة فاحصة متأملة ، فأضاء الله بصيرته فتحقق أنه النبي المنتظر وأن وجهه ليس بوجه كذاب .

جاء في رواية البخاري عن أنس رضي الله عنه قال : " بلغ عبد الله بن سلام مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأتاه فقال : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ، ما أول أشراط الساعة ، وما أول طعام يأكله أهل الجنة ، ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه ، ومن أي شيء ينزع إلى أخواله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخبرني بهن آنفا جبريل ، قال : فقال عبد الله : ذاك عدو اليهود من الملائكة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب . وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت ، وأما الشبه في الولد فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له ، وإذا سبق ماؤها كان الشبه له . قال : أشهد أنـك رسول الله . ثم قال : يا رسول الله إن اليهود قوم بهت إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بهتوني عندك ، فجاءت اليهود ودخل عبد الله البيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي رجل فيكم عبد الله بن سلام ؟ قالوا : أعلمنا وابن أعلمنا ، وأحبرنا وابن أحبرنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفرأيتم إن أسلم ؟ قالوا : أعاذه الله من ذلك . فخرج عبد الله إليهم ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، فقالوا : شرنا وابن شرنا ووقعوا فيه "(2) .

وروى سعد ابن أبي وقاص قال : " ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام " (3) .

وأخرج الترمذي عن عبد الله بن سلام قال : " نزلت في آيات من كتاب الله ، نزلت في : (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ ) ونزلت في :( قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ)(4) .


(1) فتح القدير 5 / 16 .

(2) صحيح البخاري ، كتاب الأنبياء ، باب خلق آدم وذريته 4 / 102 ، 103 .

(3) صحيح البخاري ، كتاب الأدب ، باب من أثنى على أخيه بما يعلم 7 / 87 ، وصحيج مسلم ، كتاب فضائل الصحابة ، باب من فضائل عبد الله

(4) سنن الترمذي ، كتاب المناقب ، باب مناقب عبد الله بن سلام .

 



بحث عن بحث