تبشير الكتب السماوية السابقة به صلى الله عليه وسلم(3)

 

 

4ـ قال تعالى : ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ)[ سورة الصف / 6 ] .

يبين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية حقيقة دعوة عيسى عليه السلام وهي أنه جــاء مصدقا لما في التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعده اسمه أحمد ، فهذه بشارة صريحة من نبي الله عيسى لرسولنا عليه السلام ، سواء وجدت هذه البشارة في الأناجيل أم طمست من قبل الحاقدين الحاسدين .

وقد جاء في الحديث الصحــــــيح أن من أسمــــاء الرسول صلى الله عليه وسلـــم ( أحمد ) كما ورد في هذه البشــــارة .

روى البخاري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لي خمسة أسماء أنا محمد وأحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب ) (1) .

ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخبر أصحابه أنه دعوة أبيه إبراهيم وبشارة أخيه عيسى عليهم الصلاة والسلام .

روى الإمام أحمد عن لقمان بن عامر قال : " سمعت أبا أمامة قال : قلت : يا رسول الله ما كان بدء أمرك ؟ قال : دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ، ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت له قصور الشام "(2).

ثم إن الأخبار قد تواترت عن الرهبان والملوك عند النصارى بأن النبي عيسى عليه السلام بشر بالرسول صلى الله عليه وسلم ، باسمه وصفته ومبعثه وأن كل ذلك ثابت في الأناجيل ، إلا أنهم فعلوا كما فعل اليهود من قبلهم ، فعمدوا إلى إخفائها أو تأويلها تأويلات تبعد بها عن الحقيقة .

لكن هناك الكثير منهم أراد الله له الهداية ، فصدق بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم معلنا أنه مبشر به صلى الله عليه وسلم من قبل عيسى عليه السلام ، أمثال النجاشي والجارود وغيرهما كثير .

جاء في كتاب دلائل النبوة للبيهقي : " أن جماعة من العرب التقوا براهب من الرهبان في الشام فأخبرهم بأنه سوف يبعث نبي من العرب وأمرهم باتباعه وأخبرهم أن اسمه محمد فلما رجعوا إلى أهلهم ولد لكل واحد منهم غلام فسماه محمدا "(3).

وهذا يدل على أن أهل الكتــــــاب كانوا يعرفون اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن ذلـــك مدون في كتبـــهم .


(1) صحيح البخاري ، كتاب المناقب ، باب ما جاء في أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم جـ4 ص 162 وقوله : " وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمه " قال ابن حجر : أي على إثرى ، أي أنه يحشر قبل الناس " وهو موافق لقوله في الرواية الأخرى " يحشر الناس على عقبي " وقوله : " وأنا العاقب " أي الذي ليس بعده نبي . انظر : فتح الباري جـ 6 ص 557 .

(2) مسند أحمد ( 5 / 262 ) ، وقد سبق تخريجه  .[2]

(3) دلائل النبوة ( 1 / 378 ) .[3]

 



بحث عن بحث