أهمية السيرة وبواعث دراستها ( 12-12)

 

ومن ثم أجمع أهل التأويل وعلماء الأمة على أن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم – تعني: الالتزام بسنته ، والسير على طريقته ، والتسليم لما جاء به ، فينزل المرء على حكمه ، وينقاد لشرعه ، فمن لم يطعه في شريعته ، ويأبي النزول على حكمه ، ويستهين به أو بشرعه فهو كافر في ملته ، ومشكوك في عقيدته ، قال تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [ سورة النساء /65 ].

وجامع الأمر في طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم هو قوله: (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [ سورة الحشر / 7 ].

وقد روي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصا الله ،ومن أطاع أميري فقد أطاعني ، ومن عصى أميري فقد عصاني)(1).

وروي البخاري أيضا عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ، قالوا: يا رسول الله ومن يأبى ؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى)(2).

هذه بعض الأدلة التي وردت في الكتاب والسنة تؤكد على وجوب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم وامتثال أمره.

من ثم وجب معرفة أوامره ونواهيه النبي صلى الله عليه وسلم ، والوقوف على أقواله ، وأفعاله ، وتقريراته ، وأخلاقه ، وسائر أحواله وذلك مرهون بدراسة سيرته ومعرفة سائر أخباره، ومن هنا تأتي فرضية دراسة السيرة.

يقول القاضي عياض: " أعلم أن من أحب شيئا آثره وآثر موافقته ، وإلا لم يكن صادقا في حبه وكان مدعيا ، فالصادق في حب النبي صلى الله عليه وسلم من تظهر علامة ذلك عليه ، وأولها الاقتداء به ، واستعمال سنته ، واتباع أقواله وأفعاله ، وامتثال أوامره ، واجتناب نواهيه ، والتأدب بآدابه في عسره ويسره ، ومنشطه ومكرهه(3).


 


(1)      أخرجه البخاري ،كتاب الأحكام ، باب قول الله تعالى: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) (7137).

(2)      أخرجه البخاري، كتاب الاعتصام ، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم (7280).

(3)      الشفا (2/ 517).

 



بحث عن بحث