البر في بيت النبوة ( 4 - 4 )

 

برّه عليه الصلاة والسلام بأخته:

يغفل كثير من الناس عن البر بإخوانهم من الرضاعة ، ويظن أن الصلة خاصة بالأبوين من الرضاعة فقط .

فإليكم مواقف من صلة النبي البر الرحيم صلى الله عليه وسلم بإخوته من الرضاعة .

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَإِخْوَتُهُ مِنْ الرّضَاعَةِ عَبْدُ اللّهِ بْنُ الْحَارِثِ ، وَأُنَيْسَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ وَخِدَامَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ وَهِيَ الشّيْمَاءُ غَلَبَ ذَلِكَ عَلَى اسْمِهَا فَلَا تُعْرَفُ فِي قَوْمِها إلا بِهِ وَيَذْكُرُونَ أَنّ الشّيْمَاءَ كَانَتْ تَحْضُنُهُ مَعَ أُمّهَا إذَا كَانَ عِنْدَهُم(1) .

قال ابن إسحاق : و حدثني بعض بني سعد بن بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم هوازن : إن قدرتم على نجاد ـ رجل من بني سعد بن بكر ـ فلا يَفلتنّكم و كان قد أحدث حدثاً ، فلما ظفر به المسلمون ساقوه و أهله و ساقوا معه الشيماء بنت الحارث بن عبد العزى أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، قال : فعنفوا عليها في السَّوْق، فقالت للمسلمين : تعلمون و الله إني لأخت صاحبكم من الرضاعة، فلم يصدقوها حتى أَتَوْ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

قال ابن إسحاق: فحدثني يزيد بن عبيد السعدي ـ هو أبو وجزة ـ قال : فلما انتهى بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قالت : يا رسول الله إني أختك من الرضاعة، قال : "وما علامة ذلك" ؟، قالت : عضة عضضتنيها في ظهري و أنا متوركتك، قال : فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم العلامة فبسط لها رداءه فأجلسها عليه و خيَّرها، وقال :" إن أحببت فعندي محببة مكرمة ، و إن أحببت أن أمتعك و ترجعي إلى قومك فعلت "، قالت : بل تمتعني و تردني إلى قومي .

فمتَّعها رسول الله صلى الله عليه وسلم و ردَّها إلى قومها ، فزعمت بنو سعد أنه أعطاها غلاماً يقال له مكحول و جارية ، فزوّجت أحدهما الآخر فلم يزل فيهم من نسلهما بقية ](2) .


 


(1) السيرة النبوية 1/10 ، الروض الأنف 1/283 .

(2) أخرجه ابن إسحاق في السيرة انظر سيرة ابن كثير 3/688 . وأخرج نحوه البيهقي في دلائل النبوة ح1957-5/271 عن قتادة معضلاً . قال د . إبراهيم بن إبراهيم قريبي في كتابه مرويات غزوة حنين وحصار الطائف بعد أن ساق طرق قصة الشيماء ص267[الخلاصة: أن هذا الحديث ورد من ثلاث طرق معضلة:

الأولى: والثانية: عند ابن إسحاق، وفي الأولى قال ابن إسحاق: حدثني بعض بني سعد، وهذا البعض من التابعين لأن ابن إسحاق من صغار التابعين على رأي ابن حجر وقد ثبتت رؤيته لأنس بن مالك، والجهالة الموجودة في هذا السند تغتفر عند أهل العلم بهذا الشأن خاصة إذا كان المراد بهذا البعض جماعة.

والطريق الثالثة: عند البيهقي وفيها الحكم بن عبد الملك، ضعفه العلماء.

وهذه الآثار كلها ضعيفة ونحن في صدد قصة تاريخية فيكتفي فيها بمثل هذه الآثار، وقد أطبق العلماء الذين ألفوا في الصحابة وغيرهم على ذكر الشيماء في الصحابة وعلى أنها قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم الجعرانة فرحب بها وأكرمها.



بحث عن بحث