البر في بيت الصِّدِّيق

 

أوجب الله تعالى على الولد بر أبويه، وحثه على التماس رضاهما، واحتمالهما لا سيما عند الكبر، ومن البر بالوالدين تحمل تأديبهما، وتوجيهما، وإن انتهجا في ذلك أسلوباً لا يلائم الولد، أو لا يتوافق مع المبادئ الحديثة في التربية(1)، وحسب الولد أن يعلم حب الوالد له، وحرصه على مصالحه، وإخلاصه في النصح له، ولنا في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أسوة حسنة، إذ قالت : (خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء – أو بذات الجيش – انقطع عقد لي فأقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فأتى الناس أبا بكر، فقالوا : ألا ترى ما صنعت عائشة ؟ أقامت برسول الله -صلى الله عليه وسلم-  وبالناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فجاء أبو بكر ورسول الله -صلى الله عليه وسلم-  واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال : حبست رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  والناس، وليسوا على ماء وليس معهم ماء، قالت :فعاتبني وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعنني بيده في خاصرتي فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  على فخذي فنام رسول الله حتى أصبح على غير ماء فأنزل الله آية التيمم (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً...)(2)، فقال أسيد بن الحضير : ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، فقالت عائشة : فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته)(3).


 

(1)     وهي الحجة التي يتخذها بعض الأولاد عند عدم طاعتهما لوالديهم.
(2)     سورة النساء آية 43.
(3)     أخرجه البخاري ك التيمم باب قول الله تعالى (فلم تجدوا ماء) ح 327-1/127، ومسلم باب التيمم ح 367-1/279.

 



بحث عن بحث