اختيار الأسماء  (5-5)

 

      أيها المسترشد - سددك الله ورعاك - بعد أن وفقك الله - عز وجل- للإبصار بنور السنة، فأردت تغيير اسمك، و استبداله باسم مستحب شرعاً أو جائز, هاك أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- طيبة مباركة؛ لتعلم أنك متبع لا مبتدع , وأنك لنهج نبيك مقتف لا مجانب .

      فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يغير الاسم القبيح) (1)

      وهذه بعض الأسماء التي غيرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كما جاء في الأحاديث الثابتة عنه - صلى الله عليه وسلم- : برة ,عاصية , حزن , شهاب , جثامة , أصرم .

فعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- غير اسم عاصية , وقال : (وأنتِ جميلة )(2).

وعن ابن عباس  - رضي الله عنه- قال : كانت جويرية اسمها برة , فحول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- اسمها جويرية , وكان يكره أن يقال خرج من عند برة)(3).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه-: أن زينب كان اسمها برة , فقيل تزكي نفسها , فسماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- زينب ) (4).

وعن سعيد بن المسيب أن جده حزناً , قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال : ما اسمك ؟ قال : اسمي حزن , قال : بل أنت سهل , قال ما أنا بمغير اسماً سمانيه أبي ) قال ابن المسيب فمازالت فينا الحزونة  بعد) (5).

وعن أسامة بن أخدري أن رجلا يقال له أصرم كان في النفر الذين أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم-, فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ما اسمك ؟ قال : أنا أصرم , قال بل أنت زرعة (6).

وقال أبو داود ـ رحمه الله ــ : (وغير النبي - صلى الله عليه وسلم- اسم العاص, وعزيز , وعتلة , وشيطان , والحكم , وغراب , وحباب , وشهاب , فسماه هشام , وسمى حربا سلما , وسمى المضطجع المنبعث , وأرضا تسمى عفرة سماها خضرة , وشعب الضلالة : سماه شعب الهدى , وبنو الزنية سماهم بنو الرشدة , وسمى بني مغوية بني رشدة ) (7) .

 

وعن عائشة ــ رضي الله عنها ــ: ( أنه ذكر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رجل يقال له : شهاب , فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: بل أنت هشام ) (8) .

 

وعنها ــ رضي الله عنها ــ قال: ( جاءت عجوز إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو عندي , فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: من أنت ؟ قالت : { أنا جثامة المزنية } فقال : بل أنت حسانة المزنية , كيف كنتم ؟ كيف حالكم ؟ كيف أنتم بعدنا ؟ قالت : (بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله ) ؛ فلما خرجت ؛ قلت يا رسول الله ! تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال ؟! فقال : ( إنها كانت تأتينا زمن خديجة , وإن حسن العهد من الإيمان ) (9).

 

      فتأمل ـ يا رعاك الله ـ هذا الهدي النبوي , الذي يلامس النفوس ويريد منها التفاؤل والجمال حتى في أسمائها , فيعمد إلى تغير هذه الأسماء القبيحة، أو المحرمة، أو التي فيها تزكية؛ إلى أسماء حسنة طيبة , وهذا من كمال رأفته ورحمته - صلى الله عليه وسلم- بالمؤمنين , وظاهر من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم- في تحويل هذه الأسماء مراعاة القرب في النطق ؛ كتغير شهاب إلى هشام , وجثامة إلى حسانة .

 

 

وفقنا الله وإياك

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه الترمذي في الأدب : باب ما جاء في تغيير الأسماء ( 5/134) ح (2839) وصححه الألباني بالمتابعات والشواهد كما في السلسلة الصحيحة (1/417) ح (207) .

(2) أخرجه مسلم في كتاب الأدب : باب استحباب تغيير الاسم إلى الحسن ( 3/ 1686) ح (2138) .

(3) أخرجه مسلم في كتاب الأدب : باب استحباب تغيير الاسم إلى الحسن ( 3/1687) ح (2140) .

(4) أخرجه البخاري في الأدب: باب تحويل الاسم إلى اسم أحسن منه ( 5/2289) ح (5839)، ومسلم كما في الموضع السابق ح (2141) .

(5) أخرجه البخاري كما في الموضع السابق ح (5840)

(6) أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الأدب : باب في تغيير الاسم القبيح (4/289) ح (4954)قال النووي في الأذكار كما في الفتوحات (6/126) إسناده حسن.

(7) ينظر: سنن أبي داود (4/289) , وللمزيد راجع سنن البيهقي الكبرى (9/207) والفتوحات الربانية في شرح الأذكار النووية لأبن علان ص (6/121) .

(8) أخرجه البخاري في الأدب المفرد ح (825) وابن حبان في صحيحه (7/529/5792)

(9) أخرجه الحاكم في المستدرك(1/62) وقال عقبه: ( حديث صحيح على شرط الشيخين , فقد اتفقا على الاحتجاج برواته في أحاديث كثيرة , وليس له علة ), وصححه الألباني كما في السلسلة الصحيحة (1/424) ح (216) . و لك أن تقف مع هذا الموقف من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقفة تأمل وتعجب غاية في الوفاء , وغاية في حسن العهد لزوجته التي بذلت له أيام حياتها فما نسيها بعد مماتها , ثم حسن التلطف مع من كان يعرفهم فطال بهم العهد ثم التقوا ؛ تواضعًا  ورحمة تغمر القلوب بحسن السؤال , فصلى الله عليه وسلم , بأبي هو وأمي رسول الله .

 

 



بحث عن بحث