مراتب الأسماء (2 - 5)

 

 

عدنا والعود أحمد بإذن الله, لنتابع الوقوف مع أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم-, نستلهم منها المنهج النبوي في التسمية المستحبة، فإلى ثالث تلك المراتب والتي توقفنا عندها:

 

3ـ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه- قال: قال - صلى الله عليه وسلم-: ( ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم ) رواه مسلم (1) .

 

وعن يوسف بن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه- قال : ( سماني النبي - صلى الله عليه وسلم- يوسف ) رواه البخاري في الأدب المفرد , والترمذي في الشمائل , وقال ابن حجر : (سنده صحيح ) (2)

 

وعن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم-: ( أنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين من قبلهم ) رواه مسلم .

وقد نص النووي ـ رحمه الله ـ على استحباب التسمية بأسماء الأنبياء, حيث بوب على حديث أنس ـ رضي الله عنه ـ بقوله : ( باب استحباب التسمية بعبد الله، وإبراهيم، وسائر الأنبياء - عليهم السلام- )(3) .

وقال البخاري في صحيحه : ( باب من سمى بأسماء الأنبياء ) , قال ابن بطال ـ رحمه الله ـ: ( في هذه الأحاديث ـ أي التي أوردها البخاري ـ جواز التسمية بأسماء الأنبياء )، وقد ثبت عن سعيد بن المسيب أنه قال : ( أحب الأسماء إلى الله أسماء الأنبياء(4) , وإنما كره عمر ذلك لئلا يسب أحد المسمى بذلك , فأراد تعظيم الاسم لئلا يبتذل في ذلك وهو قصد حسن )(5)

 

وقال ابن حزم: ( اختلف الفقهاء في أحب الأسماء إلى الله , فقال الجمهور : أحبها إليه : عبد الله وعبد الرحمن , قال سعيد بن المسيب : أحب الأسماء إليه أسماء الأنبياء , والحديث الصحيح يدل على أن أحب الأسماء إليه : عبد الله وعبد الرحمن )(6)

أما حديث: ( تسموا بأسماء الأنبياء ,........) فرواه أحمد وأبو داود لكنه ضعيف(7) .

ومن هنا نعلم أن وجه المشروعية في التسمية بهذه الأسماء مع ما ورد فيها , أن ننوي  التقرب إلى الله - جل اسمه- في الاقتداء به سبحانه في اختيار تلك الأسماء لأنبيائه .

 

4ـ التسمية بأسماء الصالحين من المسلمين:

وقد جاء في حديث المغيرة السابق ( أنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين من قبلهم) رواه مسلم .

 

فاعلمي ــ يا رعاك الله ــ أن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- هم رأس الصالحين في هذه الأمة، وهكذا من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وقد كان لصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- نظر لطيف في ذلك , نستلهمه من هذا الحوار الذي دار بين الزبير بن العوام وطلحة - رضي الله عنهم- أجمعين , وذلك أنه كان لطلحة عشرة من الولد , كل منهم اسم نبي , وكان للزبير عشرة , كلهم تسمى باسم شهيد , فقال له طلحة: أنا أسميهم بأسماء الأنبياء , وأنت تسمي بأسماء الشهداء ؟  فقال له الزبير : فإني أطمع أن يكون بني شهداء , ولا تطمع أن يكون بنوك أنبياء .

وما أجمله من ملحظ  تربوي , حين يسأل الطفل عن اسمه فيقول : ( عبد الله ) فيقال له : " فقهك الله في الدين , وعلمك التفسير  , كما كان عليه الصحابي الجليل الذي اسمه كاسمك , أتعرفه ؟! إنه عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ", ثم يقال لمصعب , جعلك الله مصعب الخير، كما كان مصعب بن عمير ـ رضي الله عنه ـ أول سفراء الإسلام .

 

فكم لها من الأثر تلك الكلمات، و تلك الشخصية العظيمة التي ارتبطت باسمه.

ولنقل مثل هذا في تسمية البنات بأسماء المؤمنات زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم-.

أصلح الله لنا ولكم الذرية , وجعل قدواتنا هم خير عباد الله , وصرف أبناءنا عن اتخاذ أهل الرذيلة والفساد قدوة ..

 

 

إلى خامس تلك المراتب في لقاء آخر بإذن الله .

 

ــــــــــــــــــــــ

 

(1) -رواه مسلم في صحيحه في كتاب الفضائل : باب رحمته - صلى الله عليه وسلم- الصبيان، والعيال، وتواضعه، وفضل ذلك،ح (2315) ( 4/ 1807).

(2) - ينظر: فتح الباري (10/ 578).

(3) - ينظر: شرح النووي ( 15/ 75).

(4) - أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (5/263) مرسلا , وقال الحافظ في الفتح (10/578) (سنده صحيح).

(5) - ينظر: فتح الباري (10/ 579).

(6) - ينظر: تحفة المودود ص ( 72)ز

(7) - ينظر: إرواء الغليل للألباني ح (1178) (4/ 408)، وينظر: حاشية مسند الإمام أحمد، تحقيق الأرنؤوط وجماعته (31/377)

 

 



بحث عن بحث