أتراها طارحة ولدها في النار

 

    إن شفقة الوالدين على أولادهما عظيمة، وحرصهما على منافعهم كبير، بدافع الفطرة والغريزة، فإذا انضم إليهما الدين كمل هذا الحرص والاعتناء، إلا أن رجاء الأمر القريب لهم دون البعيد، وكذا خوف الضرر القريب عليهم  دون البعيد، جعل بعض الآباء يغلِّبون الدنيا على الآخرة، وهذا يظهر جليّاً في أمور منها ما يلي:

-     الحرص الشديد على إيقاظ الأولاد للذهاب إلى مدارسهم، والتقصير في إيقاظهم لإدراك صلاة الفجر.

      الحرص على تعليمهم أمور الدنيا، والتقصير في تعليمهم أحكام الطهارة والصلاة والصيام... والآداب الإسلامية.

      الحرص على تعليمهم اللغات الأخرى من الصغر، والتقصير في تعليمهم اللغة العربية السليمة.

وغير ذلك مما أدى إلى نشؤ جيل هش(1)، يميل مع الرياح أنّى مالت، قاصر الهمة فارغ الهم.

    وقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً برحمة الأم لولدها، وكمال شفقتها عليه، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سبي، فإذا امرأة من السبي تحلب ثَديها تَسقي، إذا وجدت صبياً في السبي أَخَذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: (أ ترون هذه طارحة ولدها في النار؟ قلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال: (لله أرحم بعباده من هذه بولدها)(2).

فـهل ما زالت هذه الرحمة في قلـوب الآباء أن ينجو بأولادهم من النار بالنصح والتوجيه وحسـن التربية، وعدم التغافل عن واجباتهم الشرعيـة

 

 


 

(1)     ولا نقصد بذلك التعميم فالأمة ما زال فيها خير كثير والحمد لله.
(2)     أخرجه البخاري ك الأدب باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته ح 5999-10/426.



بحث عن بحث