النبي صلى الله عليه وسلم بين نسائه ( مواقف وعبر ) ( 2-6)

 

مصاحبته صلى الله عليه وسلم لنسائه في السفر :

روى البخاري عن عائشة – رضي الله عنها- : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه ، فطارت القرعة لعائشة وحفصة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث ، فقالت حفصة : ألا تركبين بعيري وأركب بعيرك تنظرين وأنظر، فقالت : بلى ، فركبت فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى جمل عائشة وعليه حفصة ، فسلم عليها، ثم سار حتى نزلوا، وافتقدته عائشة ، فلما نزلوا جعلت رجليها بين الأذخر وتقول : ربِّ سلط عليّ عقرباً أو حية تلدغني، ولا أستطيع أن أقول شيئاً )) .

 

فوائد الحديث :

أولاً : مفهومه اختصاص القرعة بحال السفر ، وليس على عمومه، بل لتعين القرعة من يسافر بها، وتجري القرعة أيضاً فيما إذا أراد أن يقسم بين زوجاته ، فلا يبدأ بأيهن شاء ، بل يقرع بينهن فيبدأ بالتي تخرج لها القرعة إلا أن يرضين .

ثانياً : قوله (( سار مع عائشة )) قال ابن المهلب : استدل به على أن القسم لم يكن واجباً على النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا دلالة فيه؛ لأن عماد القسم الليل في الحضر ، وأما السفر فعماد القسم فيه النزول ، وأما حالة السير فليست منه، لا ليلاً ولا نهاراً ، وقد أخرج أبو داود، والبيهقي من طريق ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة : (( قلَّ يوم إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف علينا جميعاً فيقبل ويلمس ما دون الوقاع، فإذا جاء إلى التي هو يومها بات عندها )) (1).

 

روى البخاري عن عائشة – رضي الله عنها-  قالت : (( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتى إذا كنا في البيداء – أو بذات الجيش – انقطع عقد لي ، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه ، وأقام الناس معه ، وليسوا على ماء ، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق فقالوا : ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم والناس ، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء ، فجاء أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام ، فقال : حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس ، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء ، فقالت عائشة : فعاتبني أبو بكر، وقال ما شاء الله أن يقول ، وجعل يَطْعُنُني في خاصرتي ، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح على غير ماء ، فأنزل الله آية التيمم فتيمموا . فقال أسيد بن الحضير : ما هي بأول بركاتكم يا آل أبي بكر ، قالت : فبعثنا البعير الذي كنتُ عليه فأصبنا العقد تحته )) .

 

فوائد الحديث (2) :

-  اعتناء الإمام بحفظ حقوق المسلمين وإن قلت، فقد نقل ابن بطال: أنه روي أن ثمن العقد المذكور كان اثني عشر درهماً، وفيه إشارة إلى ترك إضاعة المال.

- جواز السفر بالنساء، واتخاذهن الحلي تجملاً لأزواجهن .

- وجواز السفر بالعارية، وهو محمول على رضا صاحبها .

- وفيه تأديب الرجل ابنته، ولو كانت متزوجة كبيرة، خارجة عن بيته.

- وفيه جواز دخول الرجل على ابنته، وإن كان زوجها عندها إذا علم رضاه بذلك، ولم يكن حالة مباشرة.

- وفيه دليل على فضل عائشة وأبيها، وتكرار البركة منهما .

 


 


(1) - انظر : الفتح (9/311) .

(2) - انظر : الفتح (1/433-435) .

 

 



بحث عن بحث