العـدة وأحكامهــا(1)(1-6)

 

 

العدة : هي التربص المحدود شرعاً .

أسباب العدة: 

السبب الأول : الفرقة بسبب الموت

الحكمة من عدة الوفاة وإحداد المرأة:

قال الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله: "هذا من تمام محاسن هذه الشريعة وحكمتها ورعايتها على أكمل الوجوه؛ فإن الإحداد على الميت من تعظيم مصيبة الموت التي كان أهل الجاهلية يبالغون فيها أعظم مبالغة، وتمكث المرأة في أضيق بيت وأوحشه، لا تمس طيباً، ولا تدهن، ولا تغتسل ...إلى غير ذلك مما هو تسخط على الرب وأقداره، فأبطل الله بحكمه سنة الجاهلية، وأبدلنا به الصبر والحمد والاسترجاع الذي هو أنفع للمصاب في عاجلته وآجلته .

ولما كانت مصيبة الموت لا بد أن تحدث للمصاب من الجزع والألم والحزن ما تتقاضاه الطباع؛ سمح لها الحكيم الخبير في اليسير من ذلك وهو ثلاثة أيام؛ تجد بها نوع راحة، وتقضي بها وطرًا من الحزن، وما زاد؛ فمفسدته راجحة، فمنع منه.

والمقصود أنه أباح للنساء لضعف عقولهن وقلة صبرهن الإحداد على موتاهن ثلاثة أيام، وأما الإحداد على الزوج فإنه تابع للعدة وهو من مقتضياتها ومكملاتها فإن المرأة إنما تحتاج إلى التزين والتجمل والتعطر لتتحبب إلى زوجها، وترد لها نفسه ، ويحسن ما بينهما من العشرة فإذا مات الزوج واعتدَّت منه، وهي لم تصل إلى زوج آخر، فاقتضى تمام حق الأول، وتأكيد المنع من الثاني قبل بلوغ الكتاب أجله؛ أن تُمنع مما تصنعه النساء لأزواجهن مع ما في ذلك من سد الذريعة إلى طمعها في الرجال وطمعهم فيها بالزينة والخضاب والتطيب، فإذا بلغ الكتاب أجله صارت محتاجة إلى ما يرغب في نكاحها ، فأبيح لها من ذلك ما يباح لذات الزوج ؛ فلا شيء أبلغ في الحسن من هذا المنع والإباحة ولو اقترحت عقول العالمين لم تقترح شيئاً أحسن منه ](2) .

يتبع أحكام عدة الوفاة

هذه السلسلة بقلم

د. إلهام الجابري 


(1) انظر : الشرح الكبير للدردير 2/468 ، بدائع الصنائع 3/ 192، الدر المختار 2/ 831 وما بعدها،، القوانين الفقهية: ص 236، 238، الفواكه الدواني 3/1054 ، بداية المجتهد2/96، المدونة 3/2 ، مغني المحتاج3/ 388وما بعدها، 396، المهذب2/ 142، حاشية الروض المربع 7/46 ، المغني7/ 524 و9/77. المبدع شرح المقنع 7/12 ،  مجموع الفتاوى 33/11 ،  زاد المعاد في هدي خير العباد 5/657  وما بعدها 600 وما بعدها .

(2) إعلام الموقعين 2/165 باختصار .

 



بحث عن بحث