طــلاق فاقد العقل (9-12)

 

مسألــة طلاق المجنون(1) :

أجمع أهل العلم على أن الزائل العقل بغير سكر أو معناه لا يقع طلاقه.

وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال( رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق ) ، ولأنه قول يزيل الملك فاعتبر له العقل كالبيع .

مسألــة طلاق السكران (2):

من شرب الخمر لغير عذر فسكر أو شرب دواء لغير حاجة فزال عقله، ففي طلاقه قولان.

 (أحدهما) قول عند الشافعية ورواية عن أحمد ، وهو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أن السكران لا يقع طلاقه كما لا يصح بيعه وعتقه ولا ينعقد نكاحه ، لكن يؤاخذ بقتله وسرقته ، واستدلوا بما يأتي:

-  عن عثمان رضي الله عنه  قال : ليس لمجنون ولا سكران طلاق.

-  لأنه زائل العقل أشبه المجنون والنائم .

-  ولأنه مفقود الإرادة أشبه المكره .

-  ولأن العقل شرط للتكليف إذ هو عبارة عن الخطاب بأمر أو نهي ولا يتوجه ذلك إلى من لا يفهمه ولا فرق بين زوال الشرط بمعصية أو غيرها بدليل أن من كسر ساقيه جاز له أن يصلي قاعداً ولو ضربت المرأة بطنها فنفست سقطت عنها الصلاة ولو ضرب رأسه فجن سقط التكليف .

(والثاني) مذهب الحنفية وقول عند المالكية والشافعية ورواية عن أحمد  يقع طلاقه ويشترط في وقوع طلاق السكران أن يتناول شيئاً عالماً بأنه يغيب العقل أو شاكاً فيه وفي هذه الحالة يكون تناوله حراماً بلا فرق بين أن يكون خمراً . أو لبناً رائباً . أو غير ذلك أما إذا تحقق أنه غير مسكر أو غلب على ظنه أنه كذلك وشربه فسكر وطلق فإن طلاقه لا يقع .

 

-  لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى)فخاطبهم في حال السكر فدل على أن السكران مكلف.

- وإن سلمنا بأن السكران غير مخاطب حال السكر لكنه مكلف بقضاء العبادات بأمر جديد .

-   لقول النبي صلى الله عليه وسلم   [ كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه ] (3)

- ولأن الصحابة جعلوه كالصاحي في الحد بالقذف بدليل ما روى أبو وبرة الكلبي قال أرسلني خالد إلى عمر فأتيته في المسجد ومعه عثمان وعبد الرحمن وطلحة والزبير فقلت : إن خالداً يقول إن الناس انهمكوا في الخمر وتحاقروا العقوبة فقال عمر : هؤلاء عندك فسلهم فقال علي : نراه إذا سكر هذى وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون فقال عمر : أبلغ صاحبك ما قال فجعلوه كالصاحي .

- ولأنه إيقاع للطلاق من مكلف غير مكره فوجب أن يقع كطلاق الصاحي ويدل على تكليفه أنه يقتل ويقطع بالسرقة وبهذا فارق المجنون .

-  تغليظاً عليه لعصيانه .

- السكران يلزمه الحد فكذلك يلزمه الطلاق إذا طلق ؛ لأن الحد يحتال لدرئه والطلاق يحتاط فيه ، فلما وجب ما يحتال لدرئه لأن يقع ما يحتاط أولى.

 


(1) انظر : البحر الرائق 3/268 ، مواهب الجليل 5/307 ، المغني 8/255 ، الشرح الكبير 8/237 .

(2) انظر : البحر الرائق 3/266 ، مواهب الجليل 5/307 ، الفواكه الدواني 3/1003 ، المجموع 17/62 ، مغني المحتاج 3/279، المغني  8/156 . المبدع شرح المقنع 7/232 . الشرح الكبير 8/238 . اغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان ص45 .

(3) أخرجه الترمذي باب طلاق المعتوه ح1191-3/496 قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث عطاء بن عجلان و عطاء بن عجلان ضعيف ذاهب الحديث والعلم على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم   وغيرهم أن طلاق المعتوه المغلوب على عقله لا يجوز إلا أن يكون معتوها يفيق الأحيان فيطلق في حال إفاقته . قال الشيخ الألباني : ضعيف جداً والصحيح موقوف .

 



بحث عن بحث