الطـــلاق (4-12)

 

أقسام الطـلاق :

للطلاق عدة أقسام بثلاثة اعتبارات :

الأول : باعتبار صيغة الطلاق ينقسم إلى ألفاظ صريحة ، وألفاظ كناية (1) .

الألفاظ الصريحة :

  ثلاثة ألفاظ الطلاق والفراق والسراح، وما تصرّف منهن ؛ لأن الطلاق ثبت له عرف الشرع واللغة، والسراح والفراق ثبت لهما عرف الشرع ، فإنه ورد بهما القرآن بمعنى الفرقة بين الزوجين فكانا صريحين فيه كلفظ الطلاق قال الله تعالى : { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } وقال { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ }(2) وقال سبحانه : { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوف }(3) وقال سبحانه { وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِه}(4) وقال سبحانه : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}(5).

ويقع بها الطلاق من غير حاجة إلى نية .

 

مسألة : إذا قال لامرأته: أنت طالق، أو طلقتك، أو أنت مطلقة أو سرحتك، أو أنت مسرحة، أو فارقتك، أو أنت مفارقة، ثم قال: أردت غيرها فسبق لساني إليها لم يُقبل، لأنه يدّعي خلاف الظاهر، ويدين فيما بينه وبين الله تعالى، لأنه يحتمل ما يدعيه .

مسألة : إن قال: أنت طالق ، وقال أردت طلاقاً من وثاق، أو قال سرحتك وقال أردت تسريحاً من اليد، أو قال فارقتك، وقال أردت فراقاً بالجسم، لم يُقبل في الحكم، لأنه يدّعي خلاف ما يقتضيه اللفظ في العرف، ويدين فيما بينه وبين الله تعالى، لأنه يحتمل ما يدعيه، فإن علمت المرأة صدقه فيما دِين فيه الزوج جاز لها أن تقيم معه.

 

مسألة : إن قال أنت طالق من وثاق، أو سرحتك من اليد، أو فارقتك بجسمي لم تطلق، لأنه اتصل بالكلام ما يصرف اللفظ عن حقيقته.

 

مسألة : لو قال له رجل: طلقت امرأتك ؟ أو امرأتك طالق ؟ أو فارقتها أو سرحتها ؟ فقال: نعم ، فإن كان صادقاً فيما أخبر به من الطلاق وقع عليها الطلاق في الظاهر والباطن، وإن لم يكن طلاق قبل ذلك وإنما كذب بقوله نعم، وقع الطلاق في الظاهر دون الباطن .

 

ألفاظ الكناية :

هي الألفاظ التي تشبه الطلاق وتدل على الفراق، وذلك مثل قوله: أنت بائن، وخلية وبرية وبتة وبتلة وحرة وواحدة وبِيني وابعدي واغربي واذهبي واستفلحي والحقي بأهلك وحبلك على غاربك، واستتري وتقنعي واعتدي وتزوجي وذوقي وتجرعي وما أشبه ذلك(6)، فإن خاطبها بشيء من ذلك ونوى به الطلاق وقع، وإن لم ينو لم يقع، لأنه يحتمل الطلاق وغيره، فإذا نوى به الطلاق صار طلاقاً، وإذا لم ينو به الطلاق لم يصر طلاقاً، كالإمساك عن الطعام والشراب لما احتمل الصوم وغيره، إذا نوى به الصوم صار صوماً، وإذا لم ينو به الصوم لم يصر صوماً .


(1) انظر : البحر الرائق 3/263 ، الاستذكار 6/24 ،  المجموع شرح المهذب 17/96 ، المغني 8/264 .

(2) سورة البقرة آية 231 .

(3) سورة الطلاق آية 2 .

(4)  سورة النساء آية 130 .

(5) سالأحزاب آية 28 .

(6)  قوله " بائن الخ " أي مفارقة من البين وهو الفراق، وخلية، أي خالية عن الزوج فارغة منه، وبرية أي بريئة عما يجب من حقوقي وطاعتي، وبتة القطع وبتلة مثلها، ومنه التبتل أي الانقطاع عن النكاح، وحرّة أي لا سلطان لي على بضعك كما لا ملك في رقبة الحرة، وواحدة أي أنت فردة عن الزوج، ويحتمل طلقة واحدة ، وبِيني وهو من البعد والفراق واغربى مثله ،واستفلحي من الفلاح والفوز، أي فوزي بأمرك واسْتَبِدِّي برأيك ويحتمل أن يكون من الفلح وهو القطع، أي اقطعي حبل الزواج من غير نزاع ، وحبلك على غاربك، أي امضي حيث شئت، وتقنعى، أي غطي رأسك ،وقيل معناه استتري مني ولا يحل لي نظرك.، وتجرعي ، يقال: جرعه غصص الغيظ إذا أذاقه الشدة مما يكره . انظر : المجموع شرح المهذب 17/103 .

 

 



بحث عن بحث