الركن الثالث : أن يعقد على المرأة وليها ، لقوله r ( لا نكاح إلا بولي)

فلو زوجت المرأة نفسها بدون وليها فنكاحها باطل لقول النبي r ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل ) .

مَن هو الولي : يرى جمهور الفقهاء أن الولي في الزواج يكون من العصبة ويقدم أبو المرأة لأنه لا ولاية لأحد معه عليها ، ثم وصية في تزويج ابنته ، ثم الجد للأب ، ثم الابن ، ثم الأخ الشقيق ، ثم للأب ، ثم أبناء الأخوة ثم العم الشقيق للأب ، ثم أبناء العم .

شروطه : الإسلام ، والبلوغ ، والعقل ، والذكورة ، والعدالة .

عضل الأولياء : ليس للولي أن يعضل موليته إذا طُلبت من كفء ، وبصداق مثلها ولها أن ترفع أمرها إلى السلطان ليزوجها إذا عضلت إلا إذا كان الأب هو الولي ففي هذه المسألة خلاف .

قال تعالى : (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن) . قال الحسن : "حدثني معقل بن يسار أنها نزلت فيه ، قال زوجت أختاً لي من رجل فطلقها حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها ، فقلت له : زوجتك وأفرشتك وأكرمتك فطلقتها ، ثم جئت تخطبها ، لا تعود إليك أبداً . وكان رجلاً لا بأس به وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه . فأنزل الله هذه الآية (فلا تعضلوهن) فقلت الآن أفعل يا رسول الله ، قال : فزوجها إياه" .

وللبكر أن ترفض تزويج والدها لها من فاسق وللحاكم أن يفرق بينهما إن حصل ذلك .

الحكمة من اشتراط الولي في النكاح :

إن من مقاصد هذا التشريع الحكيم صيانة المرأة عن أن تباشر بنفسها ما يُشعر بوقاحتها وميلها إلى الرجال ، مما ينافي حال أرباب الصيانة والمروءة .

قال الشيخ ولي الله الدهلوي رحمه الله :[ واستبداد النساء بالنكاح وقاحة منهن ، منشؤها قلة الحياء ، واقتضاب على الأولياء ، وعدم اكتراث ، وأيضاً يجب أن يميز النكاح من السفاح بالتشهير ، وأحق التشهير أن يحضره أولياؤها) .

كما أن المرأة - لقلة تجربتها في المجتمع ، وعدم معرفتها شئون الرجال وخفايا أمورهم – غير مأمونة حين تستبد بالأمر لسرعة انخداعها ، وسهولة اغترارها بالمظاهر البراقة دون تزو وتفكير في العواقب ، وقد اشترط إذن الولي مراعاة لمصالحها لأنه أبعد نظراً ، وأوسع خبرة ، وأسلم تقديراً ، وحكمه موضوعي لا دخل فيه للعاطفة أو الهوى ، بل يبنيه على اختيار من يكون أدوم نكاحاً وأحسن عشرة . وكيف لا يكون لوليها سلطان في زواجها وهو الذي سيكون – شاءت أم أبت ، بل شاء هو أو أبى – المرجع في حال الاختلاف ، وفي حالة فشل الزواج يبوء هو بآثار هذا الفشل ، ويجني ثمرات خطأ فتاته التي تمردت عليه وانفردت بتزويج نفسها؟! .

إن الهدف من رقابة الولي على اختيار الزوج ليس فقط تسهيل الزواج ، وإنما أيضاً تأمينه وتوفير عوامل الاستقرار له ، ورعاية مصالح الفتاة التي ائتمنه الله عليها ، وإن قصر نظرها عن إدراكها ، ومن هنا كان مبنى الولاية على حسن النظر والشفقة وذلك معتبر بمظنته ، وهي القرابة ، فأقربهم منها أشفقهم عليها ، وهذا أغلب ما يكون في العصبة .



بحث عن بحث