توصيات المؤتمر الدولي نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم

المنعقد في الرياض من المدة ( 23 - 25 / 10 / 1431هـ )

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين

أما بعد: فبتوفيق الله تعالى وعونه تمَّ عقد المؤتمر الدولي: ( نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم )،  الذي نظمته الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالمملكة العربية السعودية، في المدة من: 23ـ25 /10/1431هـ، برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله

وقد تم بفضل الله عقد اثنتي عشرة جلسة علمية على مدار يومين، واستعرض المشاركون فيها بحوثهم العلمية القيمة التي استوعبت محاور المؤتمر في دراسة وبيان جوانب كثيرة من شخصية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وما يتصل بها من مظاهر الرحمة والخير والبر والإحسان، ورد الشبهات والافتراءات، وتقديم دراسات علمية جادة عن بعض كتابات المستشرقين، وبيان ما فيها من إنصاف أو إجحاف. وقد خلص المؤتمر إلى هذه النتائج والتوصيات والمقترحات:

يؤكد المشاركون على المسلمين أن يستقيموا على الحق الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم في العقيدة والشريعة والأخلاق والسلوك علمًا وعملاً، وأن يدعوا إليه بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، وأن يبذلوا في سبيل ذلك قصارى جهدهم .

كما يؤكد المشاركون على المسلمين تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الوجه المشروع في الكتاب والسنة وفق قوله تعالى : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) وبذلك تتحقق محبته صلى الله عليه وسلم ، ويتحقق تقديمها على محبة النفس والوالد والولد والأهل والمال، ويتم العمل بمقتضى ما يجب من اعتقاد أنه لا يسع أحدًا الخروج عن شريعته، وأنه رسول الله إلى الثقلين الإنس والجن، وأنه خاتم النبيين، وشريعته خاتم لشرائعهم، وأنه معصوم في البلاغ عن رب العالمين، وتقديم سنته على رأي كل أحد من الناس، وعدم معارضتها بعقل أو قياس، وتصديقه فيما أخبر به مما كان ويكون، واجتناب ما نهى عنه، والوقوف عند الحد الذي حده، وحفظه صلى الله عليه وسلم في أهل بيته وأزواجه وأصحابه رضوان الله عليهم .

انطلاقا من قوله تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) : يشدد المشاركون على نبذ كل ما خالف سنته من البدع والمحدثات والخرافات والشركيات، وجميع ما ينافي التوحيد الخالص والاتباع الصادق، وترك الغلو في مقامه عليه الصلاة والسلام بجميع صوره وأنواعه، كدعائه بعد وفاته والاستغاثة به وسؤاله المدد وطلب الشفاعة منه أو الذبح أو النذر له، والمبالغة في مدحه مما نهى عنه عليه الصلاة والسلام لأن ذلك حقٌّ خالص لله تعالى، إعمالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبدالله ورسوله) متفق عليه .

يستنهض المشاركون همم المسلمين جميعًا للدفاع عن نبيهم صلى الله عليه وسلم ونصرته، وكشف كل شبهة يراد بها استنقاص دينه أو تشويه سيرته أو النيل من شخصه الكريم، أو عرضه الشريف، بكل الوسائل والأساليب المتاحة، مع مراعاة الضوابط الشرعية في النصرة، إحقاقًا للحق، وردًّا للباطل، ولزومًا للعدل .

ويناشد المؤتمر الأمة المسلمة ـ بقادتها وعلمائها ومؤسساتها وهيئاتها ـ إلى بذل المزيد من الجهد للتصدي للحملات المسيئة إلى الإسلام ورسوله عليه الصلاة والسلام، أداء للأمانة، وقيامًا بحقه صلى الله عليه وسلم، وإعذارًا عند الله تعالى ..

ـ يعلن المؤتمر للعالم أجمع أن دين الإسلام يدعو إلى الرحمة والبر والعدل والإحسان والوفاء، وينهى عن الظلم والبغي والعدوان والغدر والخيانة والفحشاء والمنكر من الأقوال والأعمال. وكل هذا متقرر في الشريعة السمحاء بالأدلة التفصيلية والقواعد الكلية والأصول الجامعة. ولا يجوز أن ينسب إلى الإسلام ونبيِّه أيُّ عمل أو ممارسة فيها ما ينافي هذه القيم والأصول، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل ] .: 90

يدعو المؤتمر العالم بكافة دياناته وتوجهاته إلى التجرد والموضوعية في النظر إلى الرسول الكريم ودينه، ونبذ التراكمات الزائفة المبنية على المعلومات المغلوطة أو المفتعلة في سيرته وشريعته، ويدعوهم إلى الرجوع إلى الكتاب وصحيح السنة والسيرة النبوية، وأخذ المعلومة من مصادرها الموثَّقة،  ليتبين لهم الحق لمن كان ينشده، ويطلعوا على ما حفلت به سنته وسيرته الشريفة من مكارم الأخلاق ، ومحاسن العادات وما نظمته من علاقات، سواء في علاقة الإنسان بربه، أو ببني جنسه، أو أسرته وقرابته، أو جيرانه، أو علاقته بما حوله، أو تعاطيه مع الحوادث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية بما يحقق المصالح، ويدرء المفاسد، وينشر الرحمة والعدل .

يدعو المشاركون المؤسساتِ التعليمية والتربوية والإعلامية إلى ضرورة تدعيم المقررات والبرامج بما يرسخ في ذهن المتلقي الصورة الحقة والمشرقة للإسلام  ونبيه صلى الله عليه وسلم .

يوصي المشاركون بضرورة ترجمة أبحاث المؤتمر إلى اللغات العالمية ونشرها ورقيًّا وآليًّا، لما اشتملت عليه من تأصيل علمي، ومعالجة للواقع بموضوعية وإنصاف .

يوصي المشاركون بجعل هذا المؤتمر نقطة انطلاق إلى مؤتمرات وندوات ولقاءات للتعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم في دول العالم وجامعاته ومؤسساته الثقافية والعلمية والفكرية، ولا سيما في الدول الغربية، ويكون ذلك بشكل دوري وفاعل

يرى المشاركون وضع خطة متكاملة جوانبها العلمية والدعوية والإعلامية وما يساند ذلك لبيان سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه ونصرته، وفي هذا الإطار خلص المشاركون إلى ضرورة إنشاء مؤسسة إسلامية عالمية تعنى ببيان السنة والدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتكون رابطة للجمعيات والمؤسسات ذات الصلة في العالم، ومنسقةً فيما بينها، لتعزيز العمل وتوحيد الجهود وتبادل الخبرات.  كما تعنى بتحقيق كتب السنة والسيرة النبوية لتجاوز المعلول منها والضعيف،  وإصدار الكتب والمجلات والموسوعات والمواقع الالكترونية، وإنشاء قناة فضائية عالمية لمخاطبة العالم بكافة شرائحه ولغاته ومستوياته، وتوجيه الدراسات والبحوث، واستقطاب ذوي الكفاءة من العلماء والمفكرين، ورسم الخطط، وتطوير البرامج، ورصد الأحداث والشبهات، والتعامل معها في حينها وفق القواعد الشرعية، ودعم الباحثين للمشاركة في المؤتمرات الاستشراقية العالمية، وإلقاء المحاضرات وإجراء لقاءات التحاور في الجامعات العالمية؛ لتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الرسول والإسلام،  والتواصل مع العالم بكافة اللغات .

كما يوصي المشاركون بالعناية بهذه التوصيات من خلال عرضها على الجهات العلمية والدعوية المعنية، لتفعيلها، وتنفيذها  بعون الله تعالى وتوفيق .

هذا، وإن المشاركين في هذا المؤتمر ليحمدون الله تعالى ويشكرونه على ما تفضَّل به عليهم ومنَّ من إتمام المؤتمر بنجاح وتميِّز، ويسألونه سبحانه أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وينفع به الإسلام والمسلمين .

ثم إنهم بعد بهذا يتوجهون بالشكر والإمتنان إلى مقام خادم الحرمين الشريفين لما تفضل به من رعاية كريمة للمؤتمر، سائلين المولى عز وجل أن يجعل ما يبذله في خدمة الإسلام ونصرة قضايا المسلمين من جهود مشهودة في ميزان حسناته، وأن يحفظه وولي عهده الكريم والنائب الثاني بحفظه، وأن يكلأهم برعايته، وأن يحفظ بهم أمن هذه البلاد واستقرارها، ويصون توحيدها ووحدتها، ويرد عنها كل كيد وشر .

كما يتقدمون بالشكر والامتنان لمعالي وزير التعليم العالي الأستاذ الدكتور خالد بن محمد العنقري، ومعالي مدير الصرح العلمي الكبير: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل على كريم رعايتهما للمؤتمر والمشاركين فيه .

كما يتوجهون بالشكر والامتنان للقائمين على الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها بما بادروا إليه من تنظيم هذا المؤتمر، وأحسنوا في تنفيذه، وبذلوا في ذلك جهودًا كريمة، فجزاهم الله خيرًا على همتهم العالية، واستضافتهم الكريمة. والحمد لله رب العالمين .

الرياض في الخامس والعشرين من شهر شوال 1431 من الهجرة النبوية .

 

 



بحث عن بحث