أجرى الحوار - د. نهار العتيبي:
    من منطلق حب المسلمين لنبيهم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم الذي يحبونه أكثر من أنفسهم ووالديهم وأبنائهم وأمام تكرار الإساءة إلى سيد الخلق صلى الله عليه وسلم في بعض وسائل الإعلام الغربية فإن ردود الأفعال لدى المسلمين تختلف فمن متصرف بحكمة وروية وآخذ بما ورد في الشرع المطهر إلى منفعل متحمس ربما وقع في الخطأ دون تبصر ولتسليط الضوء على المنهج الشرعي لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم استضفنا صاحب الفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور فالح بن محمد الصغير الاستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والمشرف العام على موقع شبكة السنة النبوية وعلومها والداعية المعروف:

 هل يمكن أن نتعرف على جهود شبكة السنة النبوية في موقعها على الإنترنت تجاه نصرة النبي صلى الله عليه وسلم؟

- 1- إن من فضل الله تعالى ومنّته علينا أن وفقنا لإقامة هذا الموقع (شبكة السنة النبوية وعلومها) وواضح من اسمه أنه كله في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم، كما يتبين ذلك من أهدافه التي منها:

أ - بيان سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وشمائله.

ب - الدفاع عن شخصه صلى الله عليه وسلم وعن سنته.

2- إن كثيراً من أبواب الموقع في صميم الموضوع.

 إذا يا شيخ ما المحور الثاني في ذلك؟

- المحور الثاني: إحياء السنة النبوية في نفوس الأمة:

إن من أهم معاني النصرة للرسول صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه بعد وفاته هي الحفاظ على سيرته العطرة وأحاديثه الشريفة من الدس والتبديل والتحريف، وإحياؤها في نفوس الأزواج والأبناء والبنات والأجيال اللاحقة، ولا بد أن تكون سنته وسيرته جزءاً من حياة هذه الأجيال وواقعاً عملياً لسلوكياتهم وأخلاقياتهم وجميع تعاملاتهم. وهذا يقتضي دراسة شاملة عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم المتمثلة في:

- دراسة شمائلة وأخلاقه عليه الصلاة والسلام.

- دراسة تعامله مع خالقه وأهل بيته وأسرته.

- دراسة تعامله مع الرجال والنساء، والكبار والصغار، والضعفاء والأقوياء.

- دراسة تعامله مع غير المسلمين في حالتي السلم والحرب.

وكذلك تقتضي هذه الدراسة الرد على الشبهات والأباطيل التي أثارها المستشرقون حول الرسول صلى الله عليه وسلم والسنة النبوية، ورغم أن ما كتب في هذا المجال كثير ومتنوع، إلا أن مثل هذه الإساءات وغيرها من أشكال العداء للإسلام توجب المتابعة وعدم الغفلة عما يحيكون ويكتبون والردّ عليها ودحضها بكل قوة.

المحور الثالث: محبة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباع سنته:

ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم ليست مجرد ادّعاء وإنما هي إيمان وعمل.

 ماذا يقصد بنصرة النبي صلى الله عليه وسلم، ولماذا تم التركيز عليها في الآونة الأخيرة؟

يقصد بنصرة النبي صلى الله عليه وسلم:

العمل بما سبق في العمل بالسنة ونشرها.

الدفاع عن شخصه الكريم فهو رسول الله الذي أنزل إليه القرآن من الله تعالى عن طريق جبريل عليه السلام: (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى القُرءآنَ مِن لَّدُن حَكِيمٍ عَلِيمٍ ).

الدفاع عن سنته صلى الله عليه وسلم والتي هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي، فالإساءة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام هي إساءة لله تعالى وللدين كله وللأمة جميعها.

إبطال الأضاليل والأكاذيب التي يروّجونها عن الإسلام ورسول الإسلام، وكشف الستار عن مؤامراتهم ومنطلقاتها العقدية وعلاقتها بالأحداث السياسية التي تجري في العالم، وأن مثل هذه السلوكيات المشينة ليست بمعزل عن الغزو العسكري الذي يتعرض له العالم الإسلامي.

 كيف ينصر المسلم النبي صلى الله عليه وسلم، وبماذا؟

- يُنتصر للنبي صلى الله عليه وسلم بالقلب واللسان والجوارح، وبجميع الإمكانات والقدرات والأوقات، بل ينتصر له بالمال والأنفس، ويرخص كل نفيس من أجل الدفاع عنه صلى الله عليه وسلم، ومن أهم الوسائل التي يمكن من خلالها نصرة النبي عليه الصلاة والسلام تجاه أي اعتداء على شخصه أو الاستهزاء وغير ذلك من عدة أمحاور: ما يلي:

1- المقاطعة الاقتصادية:

وهي مقاطعة الدول التي ظهرت فيها الإساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مقاطعة اقتصادية شاملة، وهي مسؤولية التجار ومسؤولية عامة الأمة، وهذه المقاطعة ستؤثر عليها تأثيراً كبيراً، وستربك أحوالها الاقتصادية وحساباتها المالية، وستزيد من البطالة عندها، وينبغي هنا الإشارة إلى ما قام به كثير من التجار الكبار في البلاد الإسلامية من تصفية متاجرهم من منتوجات هذه الدولة، وتوقيف استيرادها، وهو موقف مشرف ولهم الأجر في ذلك إن شاء الله تعالى، ويشتبه هنا على بعض المسلمين بعدة أمور:

-التبس على بعض الناس جواز المقاطعة الاقتصادية من الناحية الشرعية، وفهموا أن هذا تحريم للتعامل مع اليهود والنصارى، ولا شك أن هذا لبس في المفهوم، فلا تعني المقاطعة الاقتصادية تحريم الفعل ذاته، فالنبي صلى الله عليه وسلم - كما هو معلوم - تعامل مع اليهود والمشركين في مكة والمدينة، ولكن هذا أسلوب للتعامل الرادع عن هذه الأفعال المشينة منهم ومن غيرهم، بالإضافة إلى أنه بيان لقدرة المسلمين أفراداً وشعوباً أن يعاملوا الآخرين بما يؤدي إلى احترام معتقداتهم ودينهم.

كما فرّق البعض بين عمل الشعوب وعمل الحكومات، ولا شك أن عمل الحكومات المسلمة مختلف مع ما تعمله الشعوب، حيث إن الحكومات ملتزمة بعقود ومواثيق، وما يقدره ولي الأمر في دراساته المصلحية من منطلق هذه العقود وغيرها، وما تمليه المصالح العامة هو الذي يسعهم غير أنه لا يكون مخالفاً لأحكام الشرع.

2- تكثيف الجهود الدعوية:

إن مثل هذه الأحداث وغيرها، من التي تعادي دين الله تعالى ومقدساته ورموزه، تزيد من شغف الشعوب إلى معرفة هذا الدين ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه فرصة لتكثيف الجهود الدعوية وتبصير هذه الشعوب بحقيقة هذا الدين، لا سيما شخصية الرسول عليه الصلاة والسلام وسيرته، ورسالته، من خلال وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمرئية والمسموعة، وباللغات المختلفة، فربَّ ضرة نافعة، والمؤمن كيس فطن، يجب أن يستغل كل الأحوال والظروف لنشر دعوته.

3- الجهود الاجتماعية والتربوية:

ومن أهم المقترحات في هذا المجال ما يلي:

1- إعادة كتابة السيرة بما يناسب جميع الفئات العمرية كباراً وصغاراً.

2- عمل ندوات في المدارس والمساجد لمختلف موضوعات السيرة، وشخصية النبي صلى الله عليه وسلم، مثل: دورة عن شمائله وأخلاقه، دورة في هديه في العبادة، دورة في أسلوب دعوته، دورة في تعامله مع غير المسلمين، دورة في تعامله في بيته.

3- عمل مسابقات في السيرة متنوعة: قصيرة وطويلة على طريقة الأسئلة أو الأبحاث ونحوها.

4- عمل دروس منزلية عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.

5- قصائد تحكي هديه عليه الصلاة والسلام.

6- تأليف كتب ونشرات فيما يجب تجاه النبي صلى الله عليه وسلم.

7- خطب الجمعة في شيء من سيرته، والتحذير من البدع والمخالفات والمنهيات.

8- عمل ملصقات تحكي جملاً من أخلاقه عليه الصلاة والسلام.

وغير ذلك مما يستطاع من الوسائل المشروعة التي تقلب الحدث إلى أن يستفاد منه إيجابياً.

هل هناك ضوابط معينة للنصرة؟ وما حكم الالتزام بهذه الضوابط؟

- إن من أهم ما يتميز به الإسلام وتعاليمه أنه لم وضع ضوابط لكل حركة وسلوك، في جميع الشؤون، في الأعمال التعبدية والدنيوية، وإزاء هذه الأزمة، وهذا الحدث الشنيع لا بد أن لا تخرج سلوكيات المؤمن وأخلاقه عن الحدود التي وضعها الله له في مثل هذه المواقف، ومن أهم الخطوات التي ينبغي تداركها ما يلي:

1- الالتفاف حول المرجعيات العلمية الموثوقة من أهل العلم الشرعي، لأنهم أعرف من غيرهم بالأدلة والأحكام الشرعية، لقوله تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).

2- ألا تتعد النصرة حدود الله تعالى، فإن ذلك يُعد من الاعتداء الذي نهى الله عنه، لقوله تعالى: (تِلكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُؤلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، وقد ظهرت في بعض البلدان تصرفات غير منضبطة تجاوزت الحدود الشرعية، مثل الهجوم على بعض السفارات وحرقها وتحطيم المحلات والسيارات، فلا يقر الشرع مثل هذه المظاهر، وإن كان الدافع إليها الغيرة الإسلامية أو محبة الرسول صلى الله عليه وسلم.

3- ألا يُتخذ الموقف نفسه من جميع الدول الأوربية أو غيرها إزاء الإساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزرَ أُخرَى). لأن كثيراً من الناس يفتون لأنفسهم بوجوب معاداة جميع الملل والشعوب غير المسلمة وعدّهم في صفّ الذين سخروا من النبي صلى الله عليه وسلم، والله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواء كُونُوا قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالقِسطِ وَلاَ يَجرِمَنَّكُم شَنَآنُ قَومٍ عَلَى أَلاَّ تَعدِلُوا اعدِلُوا هُوَ أَقرَبُ لِلتَّقوَى وَاتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعمَلُونَ ).

 ما هو الأسلوب الدعوي الأمثل في التعامل مع مثل هذه الأحداث:

- انطلاقاً من الإيمان بالسنن الكونية، حيث خلق الله خلق أمماً وفرقاً وأعراقاً، وانطلاقاً مما أحدثه الحدث من آثار فكرية ومواقف وحوارات، فإن من الخير التعامل مع الحدث عبر المحاور الآتية:

الأول: لا إكراه في الدين:

فمن الخطأ الجسيم أن يظن أحدهم أن الأفكار والعقائد تتغير بالقوة والإكراه، أو يمكن إجبار الآخرين على اعتناق فكر معين قسراً وقهراً، فربما يظهر الإنسان هذا التغير والاعتناق ظاهراً ليدفع عن نفسه الأذى، ولكنه يبقى على يؤمن به من الداخل، ومن أجل ذلك كان مبدأ الإسلام مع أصحاب العقائدة والأفكار المخالفة مبدأ واقعياً يتلائم مع العقل والفطرة الإنسانية، وهو ما عبّر عنه الله تعالى بقوله: (لاَ إِكرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشدُ مِنَ الغَيِّ).

الثاني: الحوار بالحكمة الموعظة:

إن اتباع أسلوب الحكمة والموعظة الهادئة في مناقشة الملل الأخرى هي من الوسائل الناجعة للعمل الدعوي وهداية هذه الأمم إلى الإسلام، لقوله تعالى: (ادعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الءحَسَنَةِ)، وقوله تعالى: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهلَ الكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنهُم وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَينَا وَأُنزِلَ إِلَيكُم وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُم وَاحِدٌ وَنَحنُ لَهُ مُسلِمُونَ).

الثالث: نبذ الغلو في التعامل:

ومما ينبغي الإشارة إليه ألا يجرنا الحدث إلى الغلو في التعامل فهو من الوسائل التي نهى عنها الشارع، يقول الله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيكُم فِي الدِّينِ مِن حَرَجٍ)، ويقول عليه الصلاة والسلام: "هلك المتنطعون" قالها ثلاثا.

فالتنطع والغلو والتشدد من الصفات المذمومة في الإنسان سواء كان في الدين وتطبيق أحكامه، أو كان في السلوك والتعامل مع الآخرين، وعلى العكس من ذلك فإن اللين والرفق في التعامل يعدّ من الأساليب المؤثرة في حياة الإنسان، يقول عليه الصلاة والسلام: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه".

الرابع: نبذ السباب والشتائم:

إن من أهم مبادئ الإسلام وأخلاقياته في التعامل مع الملل الأخرى من أهل الكتاب وغيرهم، هو عدم سبابهم وشتم عقائدهم وأفكارهم، وهذا المبدأ علّمه الله تعالى المؤمنين في كتابه المبين بقوله: (وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّوا اللّهَ عَدواً بِغَيرِ عِلمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُم ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرجِعُهُم فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعمَلُونَ).

لأن هذا الأسلوب لا يغني عن الحق شيئاً، فهو لا يفيد في هداية الناس، وليس له أثر على ضعف العدو ودحره، بل إنه سلاح السفهاء والعاجزين الذين لا يملكون الرصيد الكافي لمواجهة أفكار الآخرين، وهذا هو الدافع الرئيس الذي جعل من هذه الصحف الكافرة أن تنشر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الإساءات والشتائم.

 هناك من يرى أن الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم من غير المسلمين كالدنماركيين مثلاً هو ناتج عن تصرفات بعض المسلمين الذي يسيؤون للإسلام بتلك التصرفات فما توجيهكم حول ذلك رعاكم الله؟

- إن تصديق هذا الادّعاء والدعوة إليه يبرر للأعداء أن يتمادوا في الإساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو - كما يقول المثل - شنشنة نعرفها من أخزم، فكثير من أعداء الأمة في الخارج والمتربصين بها من المنافقين في الداخل يرددون هذه الأكذوبة ويروّجونها بين الناس حتى يقتلوا في نفوسهم الغيرة على دينهم ويطفئوا شعلة الولاء والحب والاتباع لرسولهم عليه الصلاة والسلام، فظاهرة الاستهزاء قديمة، ليست لها علاقة بتصرف هنا أو سلوك هناك، بل هو امتداء للحقد القديم وجزء من المؤامرة الكبرى على الأمة، ولعلي أجتهد في بعض الدوافع التي دفعت هؤلاء القوم إلى إثارة مشاعر الأمة بالإساءة إلى نبيها صلى الله عليه وسلم، وأذكر بعضاً منها، وهي:

1- انتشار الإسلام في أصقاع المعمورة حقيقة واقعة على العالم، لا سيما في أوربا حيث بدأ التنافس واضحاً بين المساجد والكنائس، الأمر الذي أخاف هؤلاء الأعداء، فكان لا بد من إشعال نار الفتنة لإثارة الصراع بين الأديان أو بين الحضارات.

2- لا يمكن فصل الإساءة بما يجري من أحداث في العالم الإسلامي، كالعراق وفلسطين وأفغانستان، فإن كان احتلال هذه البلاد غزواً عسكرياً فإن السخرية بالنبي صلى الله عليه وسلم جزء من الغزو الفكري الذي يدعم غزوهم العسكري.

3- إن ظهور هذه الإساءات بين الفترة والأخرى، ربما تكون من أجل صرف أنظار الأمة عن الجرائم والمجازر الكبيرة التي يرتكبها حلفاء الدنمرك وغيرها، من اليهود والصليبيين ضد الأمة، ولعل هذا الأمر كان واضحاً حين ظهرت السخرية للمرة الأخيرة حيث كانت متزامنة مع المحرقة التي ارتكبت في قطاع غزة.

4- إن أعداء الإسلام لا يريدون الخير لهذه الأمة أبداً، ولا يهدأون ولا يهنؤون ما دام في الأمة نبض الإيمان، وصدق الله القائل: (وَلَن تَرضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم).

 كيف ترون إسهامات المرأة في باب النصرة للنبي صلى الله عليه وسلم؟

- لقد أراد دعاة الباطل القدح في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم وفي رسالته من خلال المرأة ، حيث يرسلون الحسرات الكاذبة على حال هذه المرأة التي حُرمتء من حقوقها الاجتماعية والثقافية والسياسية، حسب زعمهم، ويمكن دحض هذا الافتراء ورد هذا الباطل من خلال عرض بعض نماذج من النسوة اللاتي تخرجن من بيت الرسول صلى الله عليه وسلم:

أولاً: المرأة الداعية:

وهي أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، التي ضربت أروع مثال للزوجة الصالحة، والمرأة الداعية، في مواقفها العظيمة، فقد واست الرسول الله صلى الله عليه وسلم حينما أحس بالخوف وخشي على نفسه، فقالت تلك الكلمات التي بقيت وضّاءة إلى هذا اليوم: "كلا أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبداً فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق".

ثانياً: المرأة العالمة:

وهي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، كانت مرجعاً علمياً للصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، يقول أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: "ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما".

ثالثاً: المرأة المستشارة:

وتجلت هذه الاستشارة في الرأي الذي اقترحته أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية، حين أشارت إليه بأن ينحر بدنته ثم يحلق ولا يكلم أحداً من الصحابة، ففعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك،. فلمّا رأوه الصحابة قاموا فنحروا؛ وجعل بعضهم يحلق بعضاً؛ حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غمّاً.

فأنعِمء بها خير مستشارة لخير زوج وفي خير بيت، لأنها أثلجت برأيها صدر النبي صلى الله عليه وسلم وأذهبت عنه الهمّ والحَزن، كما أعادت الفرحة بين الصحابة وأزالت ما كان فيهم من قلق واضطراب.

فالمرأة المسلمة لم تكن غائبة عن الحدث فهي في خضمه، ويجب أن تعيشه لكي تقوم بدورها الحقيقي تجاهه، وأرى أن مما يندرج تحت مسؤوليتها في هذا الحدث ما يلي:

1- إذكاء روح القدوة للنبي صلى الله عليه وسلم في نفسها، فتدرس النماذج القدوات من النساء التي عاشت معه صلى الله عليه وسلم لتتخذهن قدوة.

2- تشجيع زوجها أو أبيها أو أخيها في جميع البرامج المفيدة تجاه هذا الحدث.

3- تربية أبنائها وبناتها على قراءة سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وشرحها لهم على شكل دروس ومسابقات.

4- تعليم أبنائها وبناتها بالواجب عليهم تجاه النبي صلى الله عليه وسلم من حيث محبته، والاقتداء به، والعمل بما جاء به عليه الصلاة والسلام.

5- في الميادين: المدرسة، والزيارات وغيرها تعمل البرامج المناسبة لهذا الحدث.

صحيفة الرياض العدد 14598



بحث عن بحث