الحيـــــــاء

اسم الله الحيي الستير سبحانه جل جلاله (25-32)

 

إذا علم العبد بعظيم ستر الله فعليه أن يستر إخوانه المسلمين فإن رسول صلى الله عليه وسلم قال (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره يوم القيامة) (1)

فالمؤمن له حرمة عظيمة عند الله، نظر ابن عمر يوماً إلى الكعبة فقال: ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك(2)

ولقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم المثل الجميل في الستر على الناس وعدم تعييرهم بأخطائهم وهفواتهم قال زيد بن أسلم: قال خوّات بن جبير: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ الظهران، قال: فخرجتُ من خبائي فإذا نسوة يتحدثن، فأعجبني، فرجعت فاستخرجتُ عيبتي، فاستخرجتُ منها حلة فلبستها وجئت فجلستُ معهن، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: أبا عبد الله ما يجلسك معهن ؟ فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هبته واختلطتُ، قلتُ: يا رسول الله جملٌ لي شرد فأنا أبتغي له قيداً فمضى واتبعتهُ فألقى إليَّ رداءه ودخل الأراك كأني انظر إلى بياض متنهِ في خضِرة الأراك، فقضى حاجته وتوضأ، وأقبل والماء يسيل من لحيته ، فقال: أبا عبد الله ما فعل شراد ذلك الجمل؟ثم ارتحلنا فجعل لا يلحقني في المسير إلا قال : السلام عليك أبا عبد الله ما فعل شراد ذلك الجمل ؟ فلما رأيت ذلك تعجلتُ إلى المدينة، واجتنبتُ المسجد ومجالسة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما طال ذلك تحينت ساعة خلوة المسجد، فخرجت إلى المسجد وقمتُ أصلي، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض حجره فجأة فصلى ركعتين خفيفتين وطوّلت رجاء أن يذهب ويدعني. فقال: طوِّل أبا عبد الله ما شئت أن تطوِّل فلستُ قائماً حتى تنصرف، فقلتُ في نفسي: والله لأعتذرنَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما انصرفت ، قال: السلام عليكم أبا عبد الله ما فعل شراد ذلك الجمل؟ فقلتُ: والذي بعثك بالحق ماشرد ذلك الجمل منذ أسلمت، فقال: رحمك الله ثلاثاً ثم لم يعد لشيء مما كان)(3)

قال بعض العلماء: اجتهد أن تستر العصاة فإن ظهور معاصيهم عيب في أهل الإسلام، وأولى الأمور ستر العيوب.

وقال الفضيل بن عياض: المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعيّر(4).

يتبع في الحلقة القادمة ما ينبغي لمن رأى رجلاً على معصية


(1) متفق عليه، عند البخاري برقم ( 2422 ) ، وعند مسلم برقم ( 2580 ) .

(2) أخرجه الترمذي (2032) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: 7984.

(3) أخرجه الطبراني 4/203, رقم4146,قال الهيثمي:9/401 رواه الطبراني من طريقين ورجال أحدهما رجال الصحيح غير الجراح بن مخلد فهو ثقة.

(4) جامع العلوم والحكم لابن رجب 1/82.

 



بحث عن بحث