غـــض البصر (2 - 5)

 

3- التوبة والنظر :

قال أبو بكر المروزي : قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: رجل تاب وقال: لو ضرب ظهري بالسياط ما دخلت في معصية الله، إلا أنه لا يدع النظر؟! فقال: أي توبة هذه!

وبعض النساء ممن هداه الله وتركت النظر إلى الفاسقين والفاسقات وصانت بصرها عن النظر إلى الحرام ولم يجد الشيطان إلى ذلك سبيلا سوّل لها وهون عليها النظر إلى من

اصطفاه الله بهدايته ومنّ عليه بالاستقامة على شرعه، حتى وقعن في الفتنة نسأل الله العفو والعافية...

4- أحاديث وأثار في فتنة النظر:

عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اضمنوا لي ستّاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدُقُوا إذا حدَّثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتُمِنْتُم، واحفظوا فروجكم، وغضُّوا أبصاركم، وكفوا أيديكم" رواه أحمد والحاكم وابن خزيمة وحسنه الألباني  .

- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والجلوس في الطرقات. فقالوا يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بدٌ، نتحدث فيها. فقال: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه. قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" متفق عليه.

-وعن جرير بن عبدالله رضي الله عنه أنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفُجَاءةَ فأمرني أن أصرف بصري" رواه مسلم.

ونظرة الفجأة: هي النظرة الأولى التي تقع بغير قصد من الناظر، فما لم يَعْتَمِدهُ القلبُ لا يُعاقب عليه، فإذا نظر الثانية تعمُّداً أثِم، لذلك .

-وجاء في الأثر عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه. أنه قال: "حفظ البصر أشد من حفظ اللسان".

-وقال الزَّهري -رحمه الله- في النظر إلى التي لم تَحِضْ من النساء: "لا يصلح النظر إلى شئ منهنَّ مِمَّن يُشتَهى النظر إليه وإن كانت صغيرة"

-وقال العلاء بن زياد العدوي -رحمه الله- : " لا تُتْبِعْ بَصَرَكَ حُسْنَ رِدْفِ المرأة، فإن النظر يجعل الشهوة في القلب".

-قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)متفق عليه.

5- حكم النظر:

يختلف حكم النظر باختلاف الناظر والمنظور إليه.
فالنوع الأول: نظر الزوج لزوجته والعكس.وهو جائز.

 النوع الثاني: النظر لأجل النكاح.

 إن قصد رجل نكاح امرأة يسنُّ له أن ينظر إلى وجهها و كفيها: دليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم بن شعبة حين خطب امرأة: (أنظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما) صححه الألباني.

النوع الثالث: نظر الرجل إلى محارمه من نسب أو رضاع أو مصاهره باستثناء الزوجة.
فقد أجمعت الأمة على حرمة النظر إلى ما بين السرة و الركبة.
وقال أهل العلم: يحل للرجل أن ينظر إلى ما يظهر من جسدها عند المهنة أو الخدمة من الوجه والرأس والعنق واليد إلى المرفق والساقين.
ومع هذا فالمرأة المسلمة ينبغي أن تحافظ على نفسها في هذه الأزمنة التي انتشرت فيها الفتن وعم الفساد وانتهكت فيها الحرمات.

 فإن وجدت المرأة محرما لها غير متدين، ولا يتورع أبدا عن ارتكاب المحرمات فيجب عليها أن تحتاط منه فلا تظهر من جسدها أمامه إلا ما دعت إليه الحاجة.

النوع الرابع: النظر من أجل المداواة والعلاج.

يجوز للطبيب أن ينظر إلى مكان المرض في جسد المرأة ليشخص الداء و يصف العلاج.

وإنما جاز لأن في التحريم حرجا قال تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ). فيجوز للرجل أن يداوي المرأة. ويجوز للمرأة أن تداوي الرجل. غير أن الشرع الحكيم لم يجعل علاجَ الرجلِ للمرأة مطلقاً بدون قيدٍ أو ضابط إذ لا يُعقلُ أن تذهب المرأة كلما اشتكت إلى رجل يكشف عليها فالذهاب إلى الطبيب مقيد بعدم وجود طبيبة في البلدة. فإذا وجدت طبيبة حُرِّم على المرأة أن تذهب إلى طبيب.

حتى أن الفقهاء قالوا لو وجدت طبيبة كافرة، وطبيب مسلم تُقدمُ الطبيبة الكافرة على الطبيب المسلم لأن مسها ونظرها أخف من مس الطبيب ونظرهِ.

وإذا لم توجد طبيبة جاز حينئذ الذهاب إلى طبيب مع ملاحظة الضوابط التالية:

أن لا يكون طبيباً كافراً وفي البلد طبيب مسلم.

أن يوجد مع المرأة في حال الكشف زوجها أو أحد محارمها.

أن يكون الطبيب أمينا وعلى المسؤولين في الصحة و المستوصفات الخاصة أن يتقوا الله عز وجل في أعراض المسلمين فلا يأتوا بطبيب إلا وقد عرف بصلاحه.

أن لا ينظر إلا إلى موضع الداء فقط. فإذا كان الألم أو المرض في القدم فلا يجوز كشف الساق إلا إذا دعت الضرورة ولا يكشف الوجه مادام المرض في غيره إلا لضرورة و هكذا..

النوع الخامس : نظر الرجل للمرأة الأجنبية ونظر المرأة للرجل الأجنبي عنها وهو موضوع الدرس القادم

 

 

 



بحث عن بحث