الخلــق مع البيئة (5-7)

 

ثالثاً : حماية البيئة

 وحماية البيئة والحفاظ عليها يكون بأمور منها ما يلي :

1)             النهي عن إهلاك الحرث والنسل ، قال الله تعالى ( وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَاد )  (1). وإهلاك الحرث أي الزرع بإحراقه. وإهلاك النسل بقتل الحيوان ، وهذا كله من الفساد الذي لا يحبه الله (2) .

فلا يقطع الأشجار أو يحرقها لغير حاجة ، ولا يقتل الحيوانات عبثاً لغير هدف ، لكن له أن يدفع عن نفسه ضررها إن كانت تضرّ به بحسب ما يندفع به سواء بقتل ، أو إبعاد .

2) النهي عن قضاء الحاجة في الطرقات وفي ظل الناس وموارد الماء ، عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اتقُوا اللاعنيْن! قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال: الذي يتخلّى في طريق الناس أو ظلّهمْ "(3)، زاد في حديث آخر (الموارد) ، فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( اتَّقُوا الْمَلاَعِنَ الثَّلاَثَ الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَالظِّلِّ )(4).

ومعنى قوله (اللاعنيْن) بفتح النون أي: الأمرين الجالبين للعن ، وذلك أن من فعلهما لُعن وشُتم ، فلما صارا سبباً لذلك أضيف إليهما الفعل، فكان كأنهما اللاعنان .

و (الملاعن) جمع مَلْعنة وهي الفِعلة التي يُلعن بها فاعلها .

ومعنى قوله (الذي يتخلى) أي: الرجل الذي يتفرغ لقضاء حاجته في طريق الناس .

قوله (أو ظلهم) أي: أو الذي يتخلى في ظل الناس، والمراد به مستظل الناس الذي اتخذوه مقيلاً ومناخاً ينزلونه، وليس كل ظل يحرم القعود للحاجة تحته ، وقيس به موضع الشمس في الشتاء .

ومعنى قوله (الموارد) المجاري والطرق إلى الماء .

قَوْله ( وَقَارِعَة الطَّرِيق ) أعلاه أو جادته أو وسطه أو صدره أو ما برز منه فكلها متقاربة مشتقة من القرع أي الضرب فهي مقرعة بالقدم (5)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَبُلْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لاَ يَجْرِي ثُمَّ تَغْتَسِلُ مِنْهُ » (6). وعَنْ جَابِر عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ ) (7)

قوله ( الماء الدائم الذي لا يجري ) و ( الماء الراكد ) يدل على أن النهى في بعض المياه للتحريم وفي بعضها للكراهة ؛ فإن كان الماء كثيراً جارياً لم يحرم البول فيه لمفهوم الحديث ولكن الأولى اجتنابه ، وإن كان قليلاً جارياً يحرم على الصحيح لأنه يُقذِّره ويُنجسه ، وإن كان الماء كثيراً راكداً ففيه خلاف والقول بتحريمه أولى لأن النهي يقتضي التحريم ، ولأنه يُقذِّره وربما أدى إلى تنجيسه (8)

يتبع في الحلقة القادمة

 


 


(1) سورة البقرة آية 205 .

 (2)انظر تنوير المقباس من تفسير ابن عباس ، تفسير الطبري 4/240 ، وتفسير البغوي 1/236 .

(3) أخرجه مسلم ك الطهارة باب: النهي عن التخلي في الطرق والظلال (269/68)

(4)  أخرجه أبو داود باب المواضع التي نهى النبي عن البول فيها ح26-1/11 وقال محققه الألباني: حديث حسن ، وابن ماجه باب النهي عن الخلاء على قارعة الطريق 328-1/119 قال في الزوائد إسناده ضعيف ومتن الحديث أخرجه أبو داود من طريق آخر

(5) انظر حاشية السندي على ابن ماجه 1/304 ، شرح سنن أبي داود 1/97 ، وحاشية السندي على ابن ماجه 1/304 ، وسبل السلام 1/75 ، والنهاية في غريب الحديث 4/511 ، وفيض القدير 1/178 .

(6)  أخرجه مسلم باب النهي عن البول في الماء الراكد ح683-1/162 .

(7) أخرجه مسلم باب النهي عن البول في الماء الراكد ح681-1/162 .

(8) انظر شرح النووي على صحيح مسلم 3/187 .

 

 



بحث عن بحث