الآداب عند الخلاف (6-7)

 

 

الرفق بالمخالف ومراعاة شعوره ؛ فإن للمشاعر تأثير كبير على تصرفات الإنسان ، وقد تدفعه هذه المشاعر إلى سلوك خاطئ ، ثم ينتبه لخطئه حين يفيق من تأثير هذا الشعور ؛ فالمرأة التي مرّ عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي عند قبر ، فقال لها ( اتقي الله واصبري ) قالت : إليك عني فإنك لم تُصب بمصيبتي – وهي لم تعرفه – سكت ومضى ، وحينما علمت أنه رسول الله وأتته تريد الاعتذار فقالت : لم أعرفك ، لم يعتب على جوابها له وإنما أرشدها فيما بدر منها من الجزع عند المصيبة ، فقال ( إنما الصبر عند الصدمة الأولى )(1).

وهذا حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه لما خاف على أهله بعث إلى أهل مكة يخبرهم بغزو النبي صلى الله عليه وسلم ليحمي بذلك قرابته بمكة ، فلما علم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( يا حاطب ما هذا ؟ قال : يا رسول الله ، لا تعجل علي ، إني كنت امرءاً مُلصقاً في قريش – يقول: كنت حليفاً – ولم أكن من أنفسها ، وكان من معك من المهاجرين من لهم بها قرابات يحمون أهليهم وأموالهم ، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن اتخذ عندهم يداً يحمون قرابتي ، ولم أفعله ارتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما إنه قد صدقكم ... )(2)، فقدّر النبي صلى الله عليه وسلم وضعه وقبل عذره رغم أن من الصحابة من غضب وأعدّه منافقاً وأراد ضرب عنقه .

 

يتبع في الحلقة القادمة

 


(1) أخرجه البخاري باب زيارة القبور ح 1223-1/430 ، ومسلم باب في الصبر على المصيبة عند الصدمة الأولى ح926-2/637 .

(2) أخرجه البخاري ك المغازي باب غزوة الفتح ح4274 – 7/519 مع الفتح .



بحث عن بحث