فقه الخلق مع النفس (7-7)
حفظ العقل والعرض والمال:
الحق الثالث: حفظ العقل/
العقل من أعظم نعم الله تعالى على العبد ؛ فبه يعرف الحق ، ويقوم أمر معاشه في الدنيا ، ويصلح أمره في الآخرة ، والإضرار بالعقل يخرب دنيا المرء وآخرته ، ولهذا حرّم الإسلام كل ما يفتّر العقل أو يغطيه ، ومنه المسكرات والمخدرات، قال الله تعالى: ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون )(1) ، وفي الحديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومُفتر(2) .
الحق الرابع : حفظ العرض/
وهو مفهوم العفة الذي سبق وأن بيناه.
الحق الخامس: حفظ المال/
ونقصد بذلك من حيث حل الاكتساب وحل الإنفاق، وهذا مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية. قال صلى الله عليه وسلم ( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه ، وعن علمه فيم فعل ، وعن ماله من أين اكتسبه ، وفيم أنفقه ، وعن جسمه فيم أبلاه )(3)، فمن حيث الاكتساب وضع الإسلام قواعد للكسب الحلال منها :
1- قال الله تعالى ( وأحل الله البيع وحرم الربا )(4)، فكل عقد دخله الربا بأي صورة من الصور فهو حرام .
2- قال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم )(5)، وأكل المال بالباطل على وجهين: أحدهما أن يكون على الظلم نحو الغصب والخيانة والسرقة ، والثاني على جهة الهزل واللعب كالذي يؤخذ في القمار والملاهي ونحو ذلك(6).
3- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من غشنا فليس منا )(7).
4- عن ابن عمر رضي الله عنه ( قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر )(8)، وهو ما يكون مستور العاقبة(9) .
5- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المسلمون عند شروطهم )(10).
ومن حيث الإنفاق فقد وضع الإسلام قاعدة عظيمة، يدخل فيها كل ما يستجد، قال الله تعالى: ( يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ) (11)
(1) - سورة المائدة آية 90 .
(2) - أخرجه أبو داود باب النهي عن المسكر ح 3686-3/329 ، وأحمد ح 26676-6/309 ، والبيهقي في السنن الكبرى باب ما أسكر كثيره فقليله حرام ح 17176-8/296 ، والطبراني في المعجم الكبير ح 781-23/337 ، قال ابن حجر في فتح الباري 10/14 : أخرجه أبو داود بسند حسن .
(3) - أخرجه الترمذي باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص ح2417-4/612 قال: حسن صحيح ، والدارمي باب من كره الشهرة والمعرفة ح 537-1/144 .
(4) - سورة البقرة آية 275 .
(5) - سورة النساء آية 29 .
(6) - انظر: كتاب الكبائر للذهبي ص118.
(7) - أخرجه مسلم باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من غشنا فليس منا ) ح 101-1/99 .
(8) - أخرجه أبو داود باب في بيع الغرر ح 3376-/254 ، والترمذي باب ما جاء في كراهية بيع الغرر ح 1230-3/532 وقال : حسن صحيح ، وابن ماجه باب النهي عن بيع الحصاة ح 2194-2/739 ، وابن حبان ذكر الزجر عن بيع الحمل في البطن ...ح 4951-11/327والبيهقي في السنن الكبرى باب النهي عن بيع السنين ح 10389- 5/3020 .
(9) - انظر المبسوط للسرخسي 13/194 .
(10) - أخرجه البخاري معلقاً باب أجر ..ح 14-2/794، والحاكم ك البيوع ح 2310-2/57 ، والبيهقي باب الشرط في الشركة ح 11212-6/79 .
(11) - سورة الأعراف آية 157 .