هـــــدي الرســــــول صلى الله عليه وسلم في التوجيه والفتوى (10-14)

 

9 / الانتصار للمظلوم وردُّ الحقِّ لصاحبه

من الحقوق الشرعية التي كفلها الإسلام إقامة العدل، وردع الظلم ورد المظالم إلى أهلها. ليحيا النَّاسُ في كنف الإيمان وواحة الأمن والسلام حياة كريمة هانئة سعيدة ، تصان فيها الدماء وتحفظ الحرمات والأموال ولا يمس فيها أحد بسوء ..

ومن اعتدى على غيره نال عاقبة ظلمه وعدوانه ولو كانت كلمة سبِّ رديئة أو قيمة شيءٍ زهيدة .

وما ضمان صحاف أم سلمة  وصفية  وزينب بنت جحش  - رضي الله عنهن - التي كسّرتها عائشة –

رضي الله عنها - ودفع صحافٍ صحيحة مثلها عوضًا عمّا تلف إلا نموذج للتطبيق العملي لعين العدل

والقسط في الخطير والحقير والكبير والصغير، وأخذ المعتدي بجريرته وردُّ الحقِّ لصاحبه .

إن للعدل إشراقًا يشعُّ في النفس أطياف الرضى والتعلّق بالحق والهدى، ويُبدِّدُ ظلمات الخصام والنزاع ، و يسري نوره في أرجاء المجتمع ليعصمه من العدوان والتفكُّك، وما يجره من كلمات نابية، ومهاترات ساقطة واعتداءات آثمة تدنِّس الأعراض وتلطِّخ الحرمات..

فبالعدل تصفو النفوس والمشاعر .. وتزكو الأرواح والضمائر ... ويتآلف نسيج المجتمع وتقوى فيه الأواصر .

ولا مثال أحرى أن يذكر من انتصار الحبيب صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين صفية - رضي الله عنها - إذ عيرّتها حفصة - رضي الله عنها - بأنها؛ ابنة يهودي فأثنى النبي صلى الله عليه وسلم على صفية - رضي الله عنها - بما يسر فؤادها ويطيب خاطرها، وعاتب التي أساءت بتذكيرها تقوى الله عز وجل لتؤوب إليه وتتوب.

وعندما تتمادى أم المؤمنين زينب - رضي الله عنها - بسبِّ عائشة على مرأى ومسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يكره أن تردَّ عليها عائشة - رضي الله عنها - انتصارًا لنفسها ممن تعدت وظلمت.

« لأن الإسلام بمنهجه العادل يحمي حرمات الناس ما لم يظلموا فإن ظلموا لم يستحقوا هذه الحماية، وأذن للمظلوم أن يجهر بكلمة الحق في ظالمه .

وهكذا يوفِّق هذا الدين العظيم بين حرصه على العدل الذي لا يطيق معه الظلم –مهما قصرت حدوده وضاقت دائرته-، وحرصه على الأخلاق التي لا يطيق معها خدشًا للحياء والأدب النفسي والاجتماعي » (1) .  


(1) يراجع في ظلال القرآن (2/796) .



بحث عن بحث