حديث (كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ..) وحديث (..فَكَشَفَتْ نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَنْ بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ لُعَبٍ..)

 

عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي . (1)

غريب الحديث :

يَتَقَمَّعْنَ : القاف والميم والعين أصول ثلاثة صحيحة: أحدها نزول شيءٍ مائع في أداةٍ تُعْمَل له وهي القمعُ. وينقمعن أي يتغيَّبن ويدخلن البيت أو وراء ستر هيبةً من رسول اللهصلى الله عليه وسلم(2) قال القاضي عياض – رحمه الله -: ورواه بعضهم: يتقنعن بالنون وهو أشبه بالمعنى والحال.

يقال للإنسان: قد انقمع وقمع إذا دخل في الشيء أو دخل بعضه في بعض (3)

يُسَرِّبُهُنَّ : السين والراء والباء أصلٌ مطَّردٌ، وهو يدلُّ على الاتساع والذهاب في الأرض(4). يقال سَرَبَ الرجل في حاجته يَسْرُبُ فيها أي خَرَجَ ومضى فيها نهارًا .

والسَّرْبُ : هو المسلك والطريق، ويُسَرِّبهن : أي يبعثهن ويرسلهن، يقال: سَرَّبتُ إليه الشيءَ إذا أرسلتَهُ واحدًا واحدًا (5)


* عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَوْ خَيْبَرَ وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ، فَهَبَّتْ الرِيحُ فَكَشَفَتْ نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَنْ بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ لُعَبٍ، فَقَالَ: « مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ ؟! ».

قَالَتْ: بَنَاتِي، وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَهُ جَنَاحَانِ مِنْ رِقَاعٍ، فَقَالَ مَا هَذَا الَّذِي أَرَى وَسْطَهُنَّ؟ قَالَتْ: فَرَسٌ، قَالَ: « وَمَا هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ ؟! ».

قَالَتْ: جَنَاحَانِ، قَالَ: « فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَانِ ؟ » قَالَتْ: أَمَا سَمِعْتَ أَنَّ لِسُلَيْمَانَ خَيْلاً لَهَا أَجْنِحَةٌ ؟!

قَالَتْ: فَضَحِكَ رسول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ . (6)

غريب الحديث :

سَهْوَتِهِا : السين والهاء والواو : معظم الباب يدلُّ على الغفلة والسُّكون، ومما شذَّ عن هذا الباب « السَّهْوَة »، وهي كالصُّفَّة تكون أمام البيت (7)

ويمكن أن تدل التسمية على المكان الخفيّ عادة من البيت، لغفلة الأضياف والغرباء عنه، فيرجع معناه إلى الأصل وقال بعض العلماء: السَّهوة مكانٌ شبيةٌ بالرفِّ، يوضع فيه الشيء .

وقال غير واحد من أهل اليمن: السَّهوةُ عندنا بيتٌ صغير منحدر في الأرض وسُمكُه مرتفعٌ من الأرض، شبيه بالخزانةِ الصغيرةِ يكونُ فيها المتاع، وهو المراد في الحديث. وقيل غير ذلك (8)

لُعَبٍ : جمع لُعْبَة وهي جرم ما يلعب به كالدمية ونحوها (9)

واللَّعِبُ : المراد في الحديث كلُ ترويح يترتب عليه مصلحة شرعية راجحَة وإن كان ظاهره في صورة اللعب (10)

رِقَاع : الراء والقاف والعين أصلٌ يدلُّ على سدِّ خلل بشيء، والخِرْقَةُ رُقْعَة (11). وهي ما يرقَعُ بِها الخروق في الثياب والأديم، وجمعها رُقَعٌ ورِقَاعٌ (12).

نَوَاجِذُه : النون والجيم والذال كلمة واحدة : النّاجِذ، وهو السِّنُّ بين النَّاب والأَضْراس، ويقال: إنَّ الأضْرَاسَ كلُّها نواجِذٌ (13)

وقال آخرون: النَّاجذ آخر الأضراس، وللإنسان أربعة نواجِذَ في أقصى الأسنان بعد الأرحاء ويسمى ضرس الحلم لأنه ينبت بعد كمال العقل والبلوغ .

« وضحك حتى بدت نواجذه » يراد بها انفتح فوه من شدَّة الضَّحك حتى رَأى آخِرَ أَضْراسِه مَنْ استقَبَلهُ.

والراجح (والله أعلم) : أنها الأسنان الضواحك التي في مقدم الفم ومنها الأنياب، لأن ظاهر السياق إرادة الزيادة على مجرد التبسم، وهي تصف حدَثـًا عارضـًا لا أمرًا مستمرً وإن كان يراد بها آخر الأسنان فإن اللفظ للمبالغة، لأنه صلى الله عليه وسلمما كان يبلغ به الضحك هذا الحدّ (14)

من فوائد الحديثين :

1/ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الأمة خُلُقًا، وأبسطهم وجهًا، فكان يلاطف الأهل ويمازح الصغار ويفاكهم ويسأل عن لُعَبهم مؤانسة لهم واهتمامًا بشأنهم وتقديرًا لحاجتهم إلى اللهو .

فينبغي للمؤمنين الاقتداء بحسن عشرته وطلاقته (15)

2/ اختلف أهل العلم – رحمهم الله - في حكم اللعب (بالبنات) وهي الدُّمى والتماثيل الصغار التي تلعب بهن الجواري – على قولين -:

الأول : جواز اللعب (بالبنات)، وهي مخصوصة مستثناة من أحاديث النهي عن اتخاذ الصُّور، لهذا الحديث، فقد رآها النبيصلى الله عليه وسلمولم يُنكرهــا، وفي اللعب بها نـوع امتهان ومصلحة وفائدة هي تدريب الجواري في طفولتهن على تربية الصغار والنَّظر لأنفسهن وإصلاح شأنهنَّ وبيوتهن (16)

وتحقيق وظيفة اللعب الأساسية، وهي الإعداد للحياة المستقبلية من الناحية الجسمية والنفسية، ولها تأثير إيجابي في الترويح عن النفس واستجمامها، ومسرَّتها، وإنقاذها من الملل والضَّجر وإطلاق فضل طاقة الجسم وحيويَّته فيما يعود عليه بالفائدة والمتعة والسعادة (17)

وممن مال إلى الجواز؛ النسائي وابن حبان وابن حزم – رحمهم الله -.

قال القاضي عياض – رحمه الله -: وعلى الجواز بلعب الجواري بهن جمهور العلماء، وأجازوا بيعها، ومن كره ذلك فمحمول على كراهة الاكتساب بها للبائع، وتنزيه أولي المروءات عن تولي ذلك من بيع وشراء لا كراهة اللعب بها (18)

الثاني : منع الجواري من اللعب بـ(البنات) إن كانت ذات صورة تامة، ذهب إلى ذلك ابن بطال وابن أبي زيـد والبيهقي والمنذري وظاهـر كلام أحمد – رحمهم الله -، قال مالك – رحمه الله: يكره للرجل أن يشتري لبيته ذلك للأسباب التالية :

(1) لأن اللعب بهن منسوخ بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصُّور ذوات الأرواح، وقد ثبت النهي عن اتخاذ الصور من أوجه كثيرة، ويحمل حديث عائشة – رضي الله عنها - في الرخصة فيها على أنه قبل التحريم وبهذا جزم ابن الجوزي – رحمه الله - وغيره (19)

قال البيهقي : يحتمل أن يكون المحفوظ في رواية أبي سلمة عن عائشة قدومه من (غزوة خيبر) .

وكانت تلك اللعب قبل تحريم الصور والتماثيل، ثم ثبت تحريمها بعد ذلك لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - زمن الفتحِ – وهو بالبطحاءِ - أن يأتي الكعبة فيمحوَ كلَّ صورةٍ فيها، فلم يدخلها النبي صلى الله عليه وسلم حتى مُحِيَت كلُّ صورةٍ فيها(20)وزمن الفتح كان بعد خيبر(21)

وحديث أبي الهَيَّاج الأسدي قال: قال لي عليُّ بن أبي طالب: « ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ؛ أن لا تدع تمثالاً إلا طمستَهُ ولا قبرًا مُشْرِفًا إلا سَوَّيتَهُ » (22)

(2) أنه سمِّي لعبة (البنات) في حديث عائشة – ما ليس بصورة –كما جزم الحليمي والمنذري(23) فيجوز اللهو بها، لانتفاء التصريح بأنها كانت صورًا حقيقية !

بل الظاهر – والله أعلم - أنها كانت على نحو لعب بنات العرب قديمًا، فإنهن يأخذن عودًا أو قصبة أو خرقة ملفوفة أو نحو ذلك فيضعن قريبًا من أعلاه عودًا معترضًا ثم يلبسنه ثيابًا ويضعن على أعلاه نحو خمار المرأة، وربما جعلنه على هيئة الصبي في المهد ثم يلعبن بهذه اللعب ويسمينهن بناتٍ لهن وبهذا ينتفي الاستدلال بالحديث على جواز اتخاذ اللعب من الصور الحقيقية.

والقول في الفرس الذي كان في لعب عائشة – رضي الله عنها - كالقول في بناتها سواءً فيصنعون الفرس أو الجمل بالأعواد وكرب النخل والعهن ونحو ذلك، وليست هذه اللعب من الصور المحرمة في شيء، والنسبة بينهما وبين الصور الحقيقية بعيدة جدًا، فكيف بما يتخذ دمية لها صورة وصوت، تتكلم وتبكي وتضحك، وتفتح عيناها وتغلقهما وتتحرك؟!

– ومما يدل على أن الفرس كانت على نحو لعب الصبيان ولم تكن صورة حقيقية أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل عائشة – رضي الله عنها - ما هذا؟ فقالت: فرس. ولو كانت صورة حقيقية لعرفها النبي صلى الله عليه وسلم من أول وهلة ولم يحتج إلى سؤال عائشة عنها (24)

(4) الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم الدالة على أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلبٌ ولا صورة (25)

(5) قال بعضهم: معنى قول عائشة – رضي الله عنها - ألعب (بالبنات) أي الجواري، والباء هنا بمعنى (مع) .

وهذا مردود؛ - للرواية «كنت ألعبُ بالبناتِ وهن اللُّعب » - وقولها – عندما انكشف ناحية من الستر عن بناتٍ لها لعبٍ وسألها النبي عنها فقالت: « بناتي ». وهذا صريح في أن المراد غير الآدميّات (26)

و الخلاصة :

أن الأحوط – والله أعلم -: ترك اتخاذ اللعب المصورة لأن في حلِّها شكًّا، للاحتمال القوي أن يكون إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة قبل الأمر بطمس الصور، عام الفتح، ووصيته لعلي –رضي الله عنه-، أو أن بنات عائشة لم يكنَّ ذات صورة.

وتمرين البنات بلعب غير مصوَّرة ممكنٌ وحسمٌ لمادة بقاء الصورة المجسدة (27) وعملٌ بقوله : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»(28) وقوله: «الحلال بيِّنٌ والحرام بيِّنٌ وبينهما أمور مُشَبَّهاتٌ...» (29).

- ولسد ذريعة التوسُّع في التفنن بتصويرها وتشكيلها ودقَّةِ تصنيعها بأعضاء وصفات كهيئة المولود الذي خلقه الباري سبحانه، يضحك ويبكي ويرضع وينام، فسَدُّ هذا الباب أحسن.

- ولتعويد الصغيرات على حرمة التصوير وتعظيم خطره والحذر منه .

قال الحليمي –رحمه الله-:

إن عملت اللعبة من خشب أو حجر أو نحاس شبه آدمي تام الأطراف كالوثن، وجب كسره .

أما إن كانت الواحدة منهن تأخذ خرقة فتلفّها ثم تشكلها بشكل من أشكال الدُّمى وتسمِّيها بنتًا أو أمًا فلا بأس أن تلعب بها ولا تمنع منها، وفيه انبساط قلبها وحسن نشوتها وممارستها معالجة الصبيان (30)

3/ الصِّفةُ الشَّرعيّةُ للدُّمى :

أ ) طمس الصورة .

والمراد بها صورة كل مخلوقٍ حيٍّ، وجمعها صور، وهي هيئة خلقته (31)

وتطلق الصورة في كلام العرب على معنى الشيء وحقيقته وصفته المنفردة التي يتميز بها عن غيره (32).

أما استعمالها في الحديث النبوي مطلَقَةً فيراد بها في الغالب « الوجه ».

- روى مسلم في صحيحه عن سُوَيْدِ مُقَرِّنٍ أن جاريةً له لطمها إنسانٌ، فقال له سويدٌ: أما علمتَ أنَّ الصُّورة محرمة؟ فقال: « لقد رأيتني، وإنِّي لَسَابعُ إِخْوَةٍ لي، مع رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، ومَا لَنَا خَادِمٌ غَيْرُ وَاحِدٍ، فَعَمَد أَحَدُنَا فَلَطَمَهُ، فَأَمَرَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعتقه »(33).

وفي رواية عنده عن سويد قال: عَجَزَ عليكَ إلاّ حُرُّ وَجْههَا ؟ (34).

وفي اجتناب الوجه إكرامٌ لها لأن فيه محاسَنَ الإنسان وأعضاءَه اللطيفة وإذا حصل فيه أثر كان قبيحًا (35)

ب/ أن لا تكون رمزًا لأحد معالم الكفار، أو مشاهيرهم أو شعارًا لشيء من عبادتهم. سدًا لذريعة التشبه بهم وتقليدهم في باطلهم أو تعظيم شعائر دينهم .

وقد جاءت الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع على الأمر بمخالفة الكفار والنهي عن التشبه بهم، لأن المشابهة الظاهرة تفضي إلى الموافقة الباطنة، فإنه إذا أشبه الهديُ الهديَ أشبه القلبُ القلبَ وأورث تناسبًا في القصد والعمل (36)

قال تعالى: (َمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً)  (37)

وقال تعـالى: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) (38)

- وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكَمُ شِبرًا بِشِبْرٍ وذرعًا بذِرَاعٍ حتَّى لو سَلَكُوا جُحْر ضَبٍّ لَسَلَكْتمُوُهُ، قلنا: يا رسول الله: اليهودَ والنصارَى؟ قال النبيصلى الله عليه وسلم: فمن؟ »(39).

ومن تلك الدُّمى الممنوعة ما أنتجتها الحضارة الإفرنجية رمزًا لإحدى شهيرِات الغناء، المسماة (باربي - Parpy) وهي باهظة الثمن كثيرة الحلل، محفوفة بألوان من المساكن والمراكب والأدوات.

ومن الدُّمى التي تعتبر سمةً لديانة الكفر ما صوِّر على هيئة حيوان (الخنزير).. ولا شك أن التهاون بدفعها إلى الأطفال وتمكينهم منها يربيَّ في نفوس الصغار إلفها وحبَّها والتمسك بها وهي أمور ممنوعة شرعًا .

ج / عدم الإسراف في اللعب والدُّمى . وذلك بإنفاق الأموال الطائلة لاقتناء الدمى ذات الأثمان الباهظة، وتبذير المال في شراء الأنواع الكثيرة من اللعب التي تزيد عن حاجة الصغيرة وسرعان ما تتلفها .

قال تعالى: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) (40)

و كذا التحرزُّ من الدُّمى (الكبيرة جدًا ). ومثالها (حيوانات الدِّببة) التي توضع في غرفة الطفل كتحفةٍ أو منظرٍ يزين أحد أركانها وزواياها .

وربما بلغ طول (دمية الدُّب) مترًا ونصف! أو أكثر من ذلك؟! الأمر الذي يحوِّل الدُّمية من لعبة مهانة في أيدي الصّغار ووسيلةٍ للتربية والتدريب والترفيه إلى تمثال ضخم وتحفة فنية لها قدر من المهابة والتعظيم، والصيانة من العبث، وبهذا تنتفي المصلحة المرجوّة من الدمية، وتنقلب إلى مفسدة ظاهرة .

4/ فيه تنشئة الأطفال وخاصَّة الجواري على الحياء والاستتار، ومهابة الكبار، وتبجيل الفضلاء وتوقيرهم (41)

5/ اهتمام النَّبي صلى الله عليه وسلم بتوفير رغبة عائشة –رضي الله عنها- إلى التسلية والمتعة، وتسريب صديقاتها الجواري إليها لمؤانستها وليلعبن معها وتطييب خاطرها بالسؤال عن لعبها، والاستفصال فيها والضحك إليها، وممازحتها يؤصِّل منهجًا فريدًا وسطًا في مداراة الصِّغار مفاكهتهم، ومشاركتهم همومهم الخاصَّة .

« أمَّا تقبيح المباحات والتنزه عنها، وتبجيل تاركها فأمرٌ لا يقتضيه شرعٌ ولا عقلٌ» (42)

6/ يستحب من المزاح والفكاهة ما وافق مصلحة مثل إدخال السرور على الصاحب وتطييب نفس المخاطب، ولا ينبغي أن يتّخذ حرفة وديدنًا يعتاده، فإن الإفراط فيه والمداومة عليه يشغل عن ذكر الله سبحانه، والتفكرّ في مهمات الدِّين ويؤول كثيرًا إلى قسوة القلب وغفلته والإيذاء والحقد وسقوط المهابة والوقار، والذي يسلم من ذلك هو المباح (43)

 

 


 

(1) متفق عليه ، رواه البخاري – واللفظ له - (517 ح6130) و مسلم  (1106 ح2440) وفي آخره: « فيلعبن معي » و في رواية عنده  « كُنْتُ أَلْعَبُ بِالبَنَاتِ في بَيْتِهِ، وهُنَّ اللُّعَبُ ».

(2) معجم مقاييس اللغة (ص833) .

(3) لسان العرب (8/294)، الغريب لابن سلام (4/315)، مشارق الأنوار (2/230)، النهاية (4/109).

(4) معجم مقاييس اللغة (ص492) .

(5) لسان العرب (1/462)، الغريب للخطابي (2/493)، النهاية في غريب الحديث (2/356) .

(6) رواه أبو داود (1584 ح4932) و النسائي في الكبرى (5/306 ح8950) و رجال إسنّاده ثقاتٌ، ما خلا يحيى بن أيوب، صدوقٌ ربَّما أخطأ فالإسناد به حسن.

(7) معجم مقاييس اللغة (ص472) .

(8) لسان العرب (14/407)، الغريب لابن سلام (1/50)، الفائق (2/212) .

(9) معجم مقاييس العرب (ص921)، لسان العرب (1/741) .

(10) قضايا اللهو والترفيه (ص85) .

(11) معجم مقاييس اللغة (ص397) .

(12) لسان العرب (8/131)، النهاية في غريب الحديث (2/251) .

(13) ينظر : معجم مقاييس اللغة (ص976) .

(14) الحديث المتفق عليه، رواه البخاري (412 ح4828) عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: « ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكًا حتى أرى منه لهواته وإنما كان يبتسم. ورواه مسلم (818 ح 899) . قال النووي – رحمه الله -: المراد بالنواجذ عند جماهير أهل اللغة والغريب هي: الأنياب وقيل الضواحك والأضراس ولكن الصواب الأول .

ينظر: لسان العرب (3/513)، الصحاح (ص269)، الغريب لابن قتيبة (1/416)، النهاية في غريب الحديث (5/19)، المنهاج (3/40).

(15) ينظر: شرح ابن بطال (9/304)، المنهاج (15/201)، شرح الكرماني (21/6) .

(16) ينظر: شرح ابن بطال (9/304)، المحلى (9/26)، سنن البيهقي (10/220)، أعلام الحديث (3/2201)، إكمال المعلم (7/447، 448)، المنهاج (15/200)، شرح الكرماني (21/6)، الفتح (10/646)، إرشاد الساري (13/136)، شرح السيوطي (6/131)، الديباج (4/27)، نيل الأوطار (6/359)، عون المعبـود (13/191)، تحفـة الأحـوذي (5/350)، مجلة البحوث الإسلامية (11/276)

(17) ينظر: قضايا اللهو والترفيه (ص88، 90، 93، 114- 119) .

(18) ينظر: المحلى (9/26)، إكمال المعلم (7/447)، المنهاج (15/200)، الفتح (10/646)، إرشاد الساري (13/136)، شرح السيوطي (6/131)، نيل الأوطار (6/359)، عون المعبود (13/191)، تحفة الأحوذي (5/350) .

(19) ينظر: شرح ابن بطال (9/304، 305)، إكمال المعلم (7/448)، المنهاج (15/200)، شرح الكرماني   (21/6)، فتح الباري (10/646)، إرشاد الساري (13/136)، شرح السيوطي (6/131)، نيل الأوطار (6/359)، عون المعبود (13/190، 191)، تحفة الأحوذي (5/350)، الآداب الشرعية (3/517).

(20) رواه أحمد (3/383بسنده عن جابر بن عبدالله يقول: « إن النبيصلى الله عليه وسلمأمر عمر بن الخطاب زمن الفتح ... » الحديث . ورواه ابن حبان في صحيحه (13/168 ح5857).

(21) سنن البيهقي (10/219) .

(22) رواه مسلم (830 ح969).

(23) الفتح (10/646)، عمدة القاري (22/170) .

(24) ينظر: مجلة البحوث الإسلامية (11/278).

(25) متفق عليه، رواه البخاري(261 ح3225) بلفظ: « لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلبٌ ولا صورةُ تماثيلَ ». ورواه مسلم (1054 ح2106).

(26) ينظر: فتح الباري (10/ 646)، عمدة القاري (22/170)، عون المعبود (13/190) .

(27) ينظر: مجلة البحوث الإسلامية (11/276)، و(17/ 362)، وفيها فتوى الشيخ ابن باز – رحمه الله -، ومجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (12/334) .

(28) رواه ابن خزيمة في صحيحه (4/59 ح2348) . ورواه ابن حبان في صحيحه (2/498 ح722 ، والحاكم في مستدركه (2/15 ح2169). وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .

(29) متفق عليه، رواه البخاري (6 ح52) بسنده عن  النُّعمان بن بشير يقول: سمعت رسول اللهصلى الله عليه وسلميقول: «الحلال بيِّنٌ والحرام بيِّنٌ وبينهَمُا مُشَبَّهاتٌ لا يعلمها كثيرٌ من الناسِ فمن اتَّقى الشَّبهاتِ استبرأَ لدينهِ وعرضهِ ..» ورواه مسلم (955 ح1599).

(30) سنن البيهقي (10/220) .

(31) معجم مقاييس اللغة (ص557) .

(32) لسان العرب (4/473)، النهاية في غريب الحديث (3/58، 59) .

(33) رواه في (969 ح1658) .

(34) رواه في الباب السابق (969 ح1658)بسنده  عن هلال بن يَسَاف قال: عَجِلَ شيخٌ فلَطَمَ خادمًا له، قال له سويد بن مقرن: عجز عليك إلا حرُّ وجهها؟ لقد رأيتني سابع سبعة .. » .

(35) المنهاج (11/132)، الديباج (4/255) .

(36) ينظر: اقتضاء الصراط المستقيم (1/80)، مجموع الفتاوى (22/159)، أعلام الموقعين (3/140)، إغاثة اللهفان (1/64) .

(37) سورة النساء، الآية: 115 .

(38) سورة البقرة، الآية: 120 .

(39) متفق عليه، رواه البخاري – واللفظ له – (282 ح3456) ورواه مسلم (1142 ح2669) .

(40) سورة الإسراء، الآيتان: 26- 27 .

(41) ينظر: إكمال المعلم (7/448)، عون المعبود (13/190) .

(42) قضايا اللهو والترفيه (ص119) .

(43) ينظر : فتح الباري (10/ 645) .

 

 



بحث عن بحث