حديث (تُسَبِّحِينَ اللَّهَ عِنْدَ مَنَامِكِ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ....)

 

(11)  عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ فَاطِمَةَ -عَلَيْهَا السَّلاَم- أَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم   تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَقَالَ: « أَلاَ أُخْبِرُكِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْهُ؟ تُسَبِّحِينَ اللَّهَ عِنْدَ مَنَامِكِ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَتَحْمَدِينَ اللَّهَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَتُكَبِّرِينَ اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ » .

ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ: إِحْدَاهُنَّ أَرْبَعٌ وَثَلاثُونَ فَمَا تَرَكْتُهَا بَعْدُ، قِيلَ: وَلاَ لَيْلَةَ صِفِّينَ قَالَ وَلاَ لَيْلَةَ صِفِّينَ. (1)

السَّائِلة :

هي فَاطِمةُ بنتُ سيد المرسلينَ صلى الله عليه وسلم  محمدُ بن عبداللهِ بن عبدالمطلبِ الهاشمية .روت عن أبيها صلى الله عليه وسلم  وروى عنها ابناها الحسن والحسين وأبوهما علي بن أبي طالب – رضي الله عنهم -، كما روت عن عائشة، وأم سلمة، وغيرهما .

اختلف العلماء في بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم  أيَّتُهن أصغر ، والراجح أن أصغرهن فاطمة ثم أم كلثوم، ثم رقية، ثم زينب، وكانت فاطمة أحبّهن إلى أبيها، واختلفوا في سنة مولدها، فقيل: ولدت والنبيُّ صلى الله عليه وسلم  ابن خمس وثلاثين سنة، وقيل كان مولدها قبل البعثة بقليل نحو سنةٍ أو أكثر، وهي أسنُّ من عائشة – رضي الله عنها - بنحو خمس سنين، وتزوجها عليٌّ –رضي الله عنه- في أوائل المحرم سنة 2 هـ بعد زواج الرسول صلى الله عليه وسلم  من عائشة بأربعة أشهر، وأمهرها درعه الحُطَمِيّة ، ولم يتزوج عليها حتى ماتت، وانقطع نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم  إلا منها.

وفاطمة – رضي الله عنها - سيدة نساء العالمين (2)، وعن عائشة – رضي الله عنها - قالت: خرج النبي صلى الله عليه وسلم  غداةً وعليه مرط مرحّل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال:( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (3) (4).

أصح ما قيل في وفاتها، أنها ماتت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم  بستة أشهر، لثلاث خلون من رمضان سنة (11هـ) .

وغسّلها بعد الموت أسماء بنت عميس وزوجها علي – رضي الله عنهم - وهي أول من غُطِّي نعشها في الإسلام، وصلى عليها علي بن أبي طالب، وقيل العباس ودفنت ليلاً كما أوصت (5) – رحمها الله ورضي عنها - .

غريب الحديث :

صِفِيّن : (بكسر أوله وثانيه وتشديده)، موضع معروف بالشام بقرب الرِّقَّة على شَاطئِ الفُرَات من الجانب الغربي، كانت به الوقعة المشهودة بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان سنة 37هـ في غرة صفر (6).

 


(1) رواه البخاريُّ – واللفظ له –(463 ح5362) و(302 ح3705) بلفظ: «أَنّ فَاطِمةَ عَليها السَّلامُ شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أَثَرِ الرَّحى، فأَتِيَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم  بسبيٍ، فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ، فَوَجَدَتْ عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْها، فَلمَّا جَاءَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم  أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِئ فَاطِمَةَ، فَجاءَ النبَّيُّ صلى الله عليه وسلم  إِلينَا وَقَدْ أخَذنَا مَضَاجِعنَا فذهبتُ لأقُومَ، فَقالَ عَلى مَكانِكما، فَقَعَدَ بَينَنَا، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلى صَدْرِي، وَقَالَ: « أَلا أَعَلِّمُكُما خَيرًا ممّا سَألتُماني؟ إذا أَخَذتما مَضَاجِعَكُما تُكَبِّرانِ ثَلاَثًا وثَلاثِينَ، وَتُسَبِّحانِ ثلاثًا وثلاثيْنَ، وَتَحمدانِ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، فَهُو خَيْرٌ لكمُا مِنْ خَادمٍ » و مسلم  (1151 ح2727).

(2)  متفق عليه، رواه البخاري (295 ح3623، 3642) عن عائشة – رضي الله عنها - قالت: أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشي النبي صلى الله عليه وسلم  فقال النبي صلى الله عليه وسلم  : « مَرْحَبًا بابنتي »، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم أسرَّ إليها حديثًا فبكت، فقلت لها : لم تبكين؟ ثم أسر لها حديثًا فضحكت، فقلت: ما رأيت كاليوم فرحًا أقرب من حزنٍ، فسألتها عمّا قال: قالت: ما كنت لأفشي سرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم  فسألتها، فقالت: أسرَّ إليَّ « أن جبريل كان يعارضني القرآن كلَّ سنةٍ مرة، وأنهُ عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي، وإنك أول أهل بيتي لحاقًا بي » فبكيت فقال: « أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة، أو نساء المؤمنين » فضحكت لذلك ، ورواه مسلم (1108 ح2450).

(3)  رواه مسلم (1104 ح2424) وله شاهد من حديث أم سلمة وغيرها .

(4)  سورة الأحزاب، الآية: 33 .

(5)  ينظر: الاستيعاب (4/1893)، أسد الغابة (6/220)، الإصابة (8/53) .

(6)  معجم ما استعجم (3/837)، معجم البلدان (3/414) .

 



بحث عن بحث