إياك والاغترار ببدايات اليقظة

 

 

قد يصل العديد – بفضل الله – إلى مرحلة « بداية اليقظة » لكن الذين وصلوا كانوا من الوصول على قسمين :

القسم الأول : قسم فرح بآثار اليقظة ، وبالتغيير المحدود الذي حدث له ، ففترت همته وعزيمته للعمل على استكمال الترقي الإيماني ، واكتفى بما صار إليه ، ونسي أن الإيمان يزيد وينقص ، وأن النفس له بالمرصاد ؛ مما يجعل الإيمان يتناقص في قلبه شيئًا فشيئًا ، فتعود – بالتدريج – السيطرة للهوى مما يؤثر بالسلب على اهتماماته وسلوكياته .

 نعم ، في الغالب لن يعود لسابق عهده من الغفلة الشديدة والنوم العميق ، والسيطرة التامة للهوى ، إلا أن أحواله الإيجابية ستقل كثيرًا عن المستوى الذي بدأ به مرحلة « بداية اليقظة » ، فهو يُصلي لكنه ليس – كالسابق - حريصًا على الصلاة في أول وقتها بالمسجد وبخاصة صلاة الفجر .. وهو لا يسرق لكنه غير منضبط انضباطًا صحيحًا في معاملاته المادية ... وهو لا يكذب ، لكنه قد لا يقول الحقيقة كاملة تنصُّلًا من لوم الآخرين أو تحقيقًا لمصلحة .

تمكُّن اليقظة :

أما القسم الثاني : فهو قد قسم علِم أن ما مَنَّ الله عليه من دخول نور الإيمان إلى قلبه ما هو إلا « بداية » رحلة سير القلب إلى الله ، فشمَّر عن ساعد الجد ، واجتهد في تعاهد وإمداد القلب بالإيمان .

هذا القِسم من المتوقع أن يُكرمه الله عز وجل فينتقل إلى مرحلة جديدة من مراحل النمو والارتقاء الإيماني ، وهي مرحلة : « تمكُّن واستحكام اليقظة » .

ومن مظاهر هذه المرحلة :

·         زيادة الحرص على فعل الخير أكثر وأكثر .

·         زيادة الورع .

·         انصراف الرغبة – بعض الشيء – عن الدنيا ، وعدم الفرح الشديد بإقبالها وزيادتها ، أو الحزن العميق على فواتها ونُقصانها .

·         ازدياد التفكير في الموت وإمكانية لقائه في أي وقت ، مما يدفعه إلى زيادة التشمير والسباق نحو فعل الخير .

ولقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه العلامات ، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قلنا : يا رسول الله ، قوله تعالى : ( أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ) [الزمر : 22] . كيف انشرح الصدر ؟ قال : « إذا دخل النور القلب انشرح وانفتح » ، قلنا : يا رسول الله ، وما علامة ذلك ؟ قال : « الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل نزوله »



بحث عن بحث