التربية الإيمانية(3)

 

 

أمثلة من مسارعة الصحابة للخيرات :

 وإليك – أخي الكريم -  بعض الأمثلة من حياة الصحابة - رضوان الله عليهم – والتي تؤكد هذا المعنى :

- خرج جابر بن عبد الله رضي الله عنه ذات سنة إلى بلاد الروم غازيًا في سبيل الله ، وكان الجيش بقيادة مالك بن عبد الله الخثعمي ، وكان مالك يطوف بجنوده وهم منطلقون ليقف على أحوالهم ، ويشُد من أزرهم ، ويُولي كبارهم ما يستحقونه من عناية ورعاية ، فمر بجابر بن عبد الله ، فوجده ماشيًا ومعه بَغل له يمسك بزمامه ويقوده ، فقال له : ما بك يا أبا عبد الله ، لم لا تركب  ، وقد يسر الله لك ظهرًا يحملك عليه ؟ ! فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار) .

فتركه  مالك ومضى حتى غدَا في مقدمة الجيش ، ثم التفت إليه ، وناداه بأعلى صوته ، وقال : يا أبا عبد الله ، مالك لا تركب بغلك ، وهي في حوزتك ؟! فعرف جابر قصده ، وأجابه بصوت عال وقال : لقد سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار » ، فتواثب الناس عن دوابهم وكلٌ منهم يريد أن يفوز بهذا الأجر ، فما رُئِي جيش أكثر مشاة من ذلك الجيش(1) .

وروى النسائي عن أبي سعيد بن المُعَلَّى أنه قال : كنا نغدو إلى المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمررنا يومًا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد على المنبر ، فقلت : لقد حدث أمر ، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : ( قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) [البقرة/144] ، حتى فرغ من الآية ، فقلت لصاحبي : تعال نركع ركعتين قبل أن ينزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنكون أول من صلى ( في اتجاه الكعبة ) فتوارينا فصليناهما ، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى بالناس الظهر يومئذ (2)  .

- وفي يوم من الأيام قَدِمتْ قافلة لعبد الرحمن بن عوف بها سبعمائة راحلة تحمل المتاع ، فلما دخلت المدينة ارتجت الأرض بها ، فقالت عائشة : ما هذه الرجة ؟  فقيل لها : عير لعبد الرحمن بن عوف .. سبعمائة ناقة تحمل البُر والدقيق والطعام ، فقالت عائشة : بارك الله فيما أعطاه في الدنيا ، ولثواب الآخرة أعظم .

وقبل أن تبرك النوق كان الخبر قد وصل لعبد الرحمن بن عوف : فذهب إليها مسرعًا ، وقال :  أشهدك يا أُمَّه أن هذه العير جميعها بأحمالها وأقتابها وأحلاسها في سبيل الله .


(1) أُسد الغابة ( 1/307 ) ، وتاريخ الإسلام للذهبي ( 3/143) ، وسيرة ابن هشام ( 3/217 ، 218) ،  وحديث « من أُغبرت قدماه .. » أخرجه البخاري (1/308 ، رقم 865)  ، وغيره .

(2) تفسير القرآن العظيم لابن كثير 1/168 – مكتبة العبيكان ، وحديث القبلة أخرجه النسائي في السنن الكبرى - ( ج 6 / ص 291، برقم 11002) ، ومسند أحمد بن حنبل - (ج 4 / ص 408 ، برقم 19677) .

 



بحث عن بحث