التربية الإيمانية(1)

 

 

ثمار الإيمان:

الإيمان شجرة مباركة ثمارها حلوة طيبة:

يقول تعالى : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ) [إبراهيم /24-25] .

فالإيمان كالشجرة الطيبة المباركة التي إذا ما أحسنَّا غرسها في القلب فإنها تُثمر - بإذن الله – ثمارًا يانعة وطيبة في كل الاتجاهات والأوقات ، والأمثلة العملية التي تؤكد هذه الحقيقة من الكثرة بمكان ، وسنذكر – بعون الله وفضله – في الصفحات القادمة بعض تلك الثمار ، مع مزجها بنماذج تطبيقية من حياة الصحابة ، باعتبار أنهم أفضل أجيال الأمة بالإجماع (1) ..

 أخرج أبو نُعيم عن عبد الله بن عمر قال :  من كان مُستنًّا فليستن بمن قد مات ، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، كانوا خير هذه الأمة ، أبرَّها قلوبًا ، وأعمقها علمًا ، وأقلها تكلُّفًا .. قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ، ونقْل دينه ، فتشبَّهوا بأخلاقهم وطرائقهم ، فهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا على الهدى المستقيم والله رب الكعبة (2).

ويقول أبو الحسن الندوي في مقدمته لكتاب حياة الصحابة : إن السيرة النبوية وسير الصحابة وتاريخهم من أقوى مصادر القوة الإيمانية والعاطفة الدينية ، التي لا تزال هذه الأمة تقتبس منها شعلة الإيمان ، وتشتعل بها مجامر القلوب ، التي يسرع انطفاؤها وخمودها في مهب الرياح والعواصف المادية ، والتي إذا انطفأت فقدت هذه الأمة قوتها وميزتها وتأثيرها ، وأصبحت جثة هامدة تحملها الحياة على أكتافها .

إنها تاريخ رجال جاءتهم دعوة الإسلام فآمنوا بها وصدقتها قلوبهم .. وضعوا أيديهم في يد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهانت عليهم نفوسهم وأموالهم وعشيرتهم ، واستطابوا المرارات والمكاره في سبيل الدعوة إلى الله ، وأفضى يقينها إلى قلوبهم ، وسيطر على نفوسهم وعقولهم ، وصدرت عنهم عجائب الإيمان بالغيب ، والحب لله والرسول ، والرحمة على المؤمنين والشدة على الكافرين ، وإيثار الآخرة على الدنيا ، والحرص على دعوة الناس ، وإخراج خلق الله من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، ومن جَور الأديان إلى عدل الإسلام ، ومن ضيق الدنيا إلى سَعَتها ، والاستهانة بزخارف الدنيا وحطامها ، والشوق إلى لقاء الله ، والحنين إلى الجنة ، وعُلو الهمة ، وبُعد النظر في نشر رِفد الإسلام وخيراته في العالم ، وانتشارهم لأجل ذلك في مشارق الأرض ومغاربها ، ونسوا في ذلك لذَّتهم ، وهجروا راحاتهم ، وغادروا أوطانهم ، وبذلوا مُهَجَهم وحرّ أموالهم حتى أقبلت القلوب إلى الله ، وهبَّت ريح الإيمان قوية عاصفة ، طيبة مباركة ، وقامت دولة التوحيد والإيمان والعبادة والتقوى ، وانتشرت الهداية في العالم ، ودخل الناس في دين الله أفواجًا (3)


(1) انظر : نظرات في التربية الإيمانية 10 وما بعدها.

(2) حلية الأولياء لأبي نُعيم الأصبهاني ( 1/305 )، دار الكتاب العربي – بيروت .

(3) حياة الصحابة للكاندهلوي ( 1/15) بتصرف يسير .

 



بحث عن بحث