قراءة في كتاب" نزهة المتقين "

 

بقلم : محمد فقهاء

قراءة في كتاب .. " نزهة المتقين " عرض ونقد كتاب "نزهة المتقين" شرح لرياض الصالحين للنووي شرحه مجموعة من المؤلفين. عرض الكتاب: الكتاب "نزهة المتقين شرح رياض الصالحين"؛ الشُّرَّاح هم: د. مصطفى الخن، د. مصطفى البغا، محيي الدين مستو، وعلي الشوربجي، ومحمد أمين لطفي، نشر مؤسسة الرسالة، الطبعة السادسة والعشرون لسنة 1422 هـ - 2001 م، يقع هذا الشرح في مجلدين اثنين، المجلد الأول 659 ص، والمجلد الثاني 620 ص. احتوى الكتاب على مقدّمة وترجمة للإمام النووي، ثم شرع المؤلفون في الشرح، وطريقة الشرح هي شرح كل حديث على حِدَة على نفس ترتيب النووي، مبتدئين ببيان معنى بعض الكلمات الصعبة في الآيات الواردة في الأبواب، ثم بيان مكان الحديث في كتب السُّنَّة، وفي أي باب ورد فيها، ثم لغة الحديث ببيان معاني لبعض المفردات الصعبة، ثم ما أفاد الحديث باختصار، وكان كنقاط بدون إسهاب، وهكذا حتى نهاية الكتاب، مع الإحالة لما تكرر ذكره من أحاديث في السابق بدون شرح، في نهاية الكتاب خاتمة احتوت على تراجم للرواة مختصرة، بالأسماء والكنى، وفيمن عُرِف بابن فلان، وتراجم للمُخَرِّجين، ويوجد فهرس لأطراف الحديث، وفهرس للموضوعات. نقد الكتاب:

أ - الحكم على الحديث. المؤلفون لا يحكمون على الأحاديث التي في غير الصحيحين، ولا يُبَيِّنون درجتها.

ب - في العقائد. وبالتحديد في باب الصفات، ففي هذا الكتاب اضطراب من قِبَل كُتَّابِهِ في مسألة الصفات، ففي بعض المواضع ساقوا الصفة كما هي، وفي أخرى أوَّلُوا، وفي مواضع أُخَر قالوا: كذا أو كذا، وكأنه تخيير بين الإثبات أو التأويل؛ مما يبين مسألة الاضطراب في باب الصفات، فلا يوجد نهج واضح في مسألة الصفات، وهذا يُوَضِّح أن بعض المواضع شرحها أحدهم، والبعض الآخر شرحها آخر، فيبدو أنه لا يوجد نهج متَّبع في باب الصفات، ومتفق عليه بينهم؛ مما دلت عليه العبارات في الشرح. أيضا مما أُثِر في هذا الباب عند الشُّرَّاح وجود تأويل في الكتاب الأصل؛ أي: عند النووي، وأيضًا المؤلفون قالوا في نهاية المقدمة ما نصه: "وقد أفادنا كتاب دليل الفالحين" وصاحبه هذا أشعري أيضًا، ويُؤَوِّل في الصفات. وأذكر بعض المواضع التي ورد فيها هذا التأويل والاضطراب على سبيل المثال لا الاستقصاء، تنبهت لها من خلال اطِّلاعي عليه؛ ليستفيد من هذا التنبيه طلبة العلم، ويتنبهون لهذه الأمور، خصوصًا مسألة الصفات. وأكتفي بخمسة منها:

1 - صفة الضحك، ونصه: (يضحك): الله أعلم بهذا الضحك، وقيل: المراد بالضحك بالنسبة لله تعالى هنا محبته لفعلهما والرضا عنه والثواب عليه، في شرح حديث: ((يضحك الله سبحانه وتعالى إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر، يدخلان الجنة...))؛ الحديث ص 46، ج 1. قلت: نجزم بأن الله يضحك ضَحِكًا يليق به، من غير تأويل ولا تشبيه، ومن غير تعطيل، فنُثْبِت هذه الصفة، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا عند مشيئته سبحانه، ومن أوَّل فقد عطَّل هذه الصفة، ونفى ما أثبته النبي صلى الله عليه وسلم.

2 - صفة اليد، ونصه: (معنى بيده): أي: بقدرته، أو بيده التي لا تشبه يد المخلوقات، جاء هذا في حديث: ((والذي نفسي بيده...))؛ الحديث ص 14، ج 2. قلت: نُثْبِت هذه الصفة من غير تشبيه ولا تعطيل ولا تأويل، نثبت كما أخبر الله في كتابه في أكثر من موضع، وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ فالله خَلَقَ آدم بيده وخطَّ التوراة لموسى بيده، وغرس جنة عَدْن بيده، فَنُمِرُّها كما جاءت بها النصوص، فليس كَمِثْلِهِ شَيْءٌ.

3 - صفة الغضب: ونصه: (غضبان): يريد الانتقام منه، في شرح حديث: ((من حلف على مال... لَقِيَ الله وهو عليه غضبان))؛ الحديث ص 384، ج 2. قلت: نُثْبِت هذه الصفة بوجه يليق به سبحانه، من غير تكييف ولا تشبيه، ومن غير تأويل ولا تعطيل، وهذه صفة فعلية تتعلق بالمشيئة.

4- صفة الساق: ونصه: ? يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ?: الكشف عن الساق كناية عن الْجِدِّ، وتَكَشُّف حقائق الأمور، واشتداد الأهوال، في شرح حديث طويل ذكر فيه الدجال: ((... وذلك يوم يُكْشَفُ عن ساق)) ص 448، ج 2. قلت: نثبت هذه الصفة من غير تشبيه ولا تعطيل ولا تأويل؛ فقد جاء في الصحيحين: ((فيكشف ربنا عن ساقه))، نُمِرُّهَا كما جاءت في النصوص.

5- صفة النفس: ونصه: (نفسه) أي: العقاب الصادر منه، في التعليق على آية: ? وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ? [آل عمران: 28] 30، ص 441، ج 2. قلت: نثبت هذه من غير تأويل ولا تعطيل، والنفس هي ذات الله تعالى، فالمراد بالنفس ذات الله تعالى، قال تعالى: ? كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ? [الأنعام: 54]، وفي الحديث المعروف: ((من ذكرني في نفسه ذكرْتُه في نفسي)). قلت: وورد كثير أيضًا من تأويلات اكتفيت منها بهذه؛ للإشارة والتنبيه لا للاستقصاء، كالكلام على الرحمة بإرادة الإحسان، و((غرَسْتُ كرامتهم بيدي))؛ أي: بمحْضِ قدرتي من غير توسط مَلَك ولا غيره؛ زيادة في كرامتهم، وغيرها من الصفات كل في موضعه، والحمد لله رب العالمين.



بحث عن بحث