سجود السهو سؤال وجواب (2-2)

 

الكاتب : كريم إمام الجمل

 

س : حكم سجود السهو ؟

ج : ذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ : أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ سُنَّةٌ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلِيًّا أَمْ بَعْدِيًّا وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنَ الْمَذْهَبِ ، وَقِيل : بِوُجُوبِ الْقَبْلِيِّ ، قَال صَاحِبُ الشَّامِل : وَهُوَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ . مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ , ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ إِلَى وُجُوبِ سُجُودِ السَّهْوِ {الموسوعة الفقهية الكويتية24/234}و الصحيح أن سجود السهو واجب، وذلك لما ثبت في الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم )، فإن أمره بالسجود يدل على الوجوب، وفي الصحيح من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ( صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر خمسا، فقالوا: أزيد في الصلاة ؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت خمساً. فثنى رجليه وسجد سجدتين ...)، ثم ذكر الحديث وفيه: ( فليسجد سجدتين قبل أن يسلم ). فهذه أوامر، والقاعدة في الأصول أن الأمر للوجوب حتى يدل الدليل على صرفه. فلما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نسجد سجدتي السهو دلّ ذلك على وجوبها ولزومها، وأنه إذا تَركها المكلَّف فقد ترك الواجب، وحكمه حكم تارك الواجب سواءً بسواء.( دروس شرح زاد المقنع للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي رقم الدرس 49) وهذا الوجوب لا يشمل من ترك شرط أو سنة ساهياً أو عامداً والله اعلم

س : حكم سجود السهو في صلاة التطوع لمن ترك واجب؟

 ج : حكمه واجب فإن قال قائل: هل توجبون سجود السَّهو في صلاة النافلة فيما لو ترك واجباً من واجبات الصلاة؟

فالجواب: نعم؛ نوجبه. فإن قال: كيف توجبون شيئاً في صلاة نَفْلٍ، وصلاة النَّفْلِ أصلاً غير واجبة؟! نقول: إنه لما تلبَّس بها وَجَبَ عليه أن يأتي بها على وَفْقِ الشريعة، وإلا كان مستهزئاً، وإذا كان لا يريد الصلاة فمن الأصل لا يُصلِّي، أما أن يتلاعب فيأتي بالنافلة ناقصة ثم يقول: لا أجبرها، فهذا لا يوافق عليه.{الشرح الممتع لأبن عثيمين 3/338} "فسجود السهو مشروع فرضاً ونفلاً ، لأن ما ثبت فرضاً فهو ثابت نفلاً إلا بدليل على تخصيص أحدهما هنا فرق بين هذه المسألة والتي قبلها هناك يصلي فرضاً أو نفلاً ، ثم يترك سنة في هذه الصلاة ، فنقول : لا يسجد للسهو ، لكن هنا يترك ركناً أو واجباً سهواً في صلاة نفل ، كأن يترك التسبيح في الركوع أو التسبيح في السجود في سنة الفجر مثلاً ، فإنه يسجد ؛ لأن ما ثبت فرضاً فهو ثابت نفلاً ، ولعموم قوله عليه الصلاة والسلام : ( فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين ) . .(دروس شرح الزاد للشيخ حمد بن عبد الله الحمد) , وعن عطاء عن بن عباس رضي اللع عنه قال : إذا أوهمت في التطوع فأسجد سجدتين "صحح أسناده بن أبى المنذر في الأوسط 3/325" (صحيح فقه السنة لكمال بن السيد سالم 1/467)

س : حكم سجود السهو في ترك السنن في الفرض والنفل ؟

 ج : قال بعض الفقهاء (الانصاف 3/680) قال: إنه إذا سَجَدَ لِتَرْكِ السُّنَّة فصلاتُه باطلة؛ القول الثاني أنَّ سجودَ السَّهو مشروع لترك المسنون، سواء كان مِن سُنَنِ الأقوال أم الأفعال؛ لعموم حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا نسيَ أحدُكم فَلْيَسْجدْ سجدتين») ، ولأنه إذا طُلب منه السجود انتبه لفعله حتى لا يتكرَّر منه السُّجود في كلِّ صلاة؛ لأن الغالب نسيان تلك السُّنَن؛ خصوصاً مَنْ لم يُواظب عليها. عندي في ذلك تفصيل، وهو: أن الإِنسان إذا تَرَكَ شيئاً من الأقوال أو الأفعال المستحبَّة نسياناً، وكان من عادته أن يفعله فإنه يُشرع أن يسجد جَبْراً لهذا النقص الذي هو نَقْصُ كمال، لا نقص واجب؛ لعموم قوله في الحديث: «لكلِّ سهو سجدتان» (3) ،(الشرح الممتع 3/333) وأن كنت أرى والعلم عند الله القول الثاني الراجح للأدلة العامة وفعل الصحابي بن عباس رضي الله عنه فعن أبى العالية قال : "رأيت بن عباس يسجد بعد وتره سجدتين "إسناده صحيح علقه البخاري ووصله بن أبى شيبة بسند صحيح "2/81" (فتح البارى لأبن حجر 3/125) والحديث عام لا يخصصه دليل .

 س : هل يشرع سجود السهو في صلاة الجنازة ؟!

ج : صلاة الجنازة لا يُشرع فيها سجود السَّهو؛ لأنها ليست ذات رُكوع وسُجود، فكيف تُجبر بالسجود؟ (الشرح الممتع 3/338).

س : موضع سجود السهو "قبل أم بعد السلام"؟

ج : أختلف أهل العلم في سجود السهو على عشرة أقوال "أنظر المغنى 2/22","المجموع 4/154","بداية المجتهد 1/279","نيل الأوطار3/133" والراجح قول شيخ الإسلام الذي يؤيده الأدلة الشرعية الصحيحة وهو كالأتي :

1-إذا كان في نقص "كترك التشهد الأول " احتاجت الصلاة إلى جبر وجابرها يكون قبل السلام لتتم به الصلاة فإن السلام هو تحليل من الصلاة "قلت وهذا ما يؤيده حديث عبد الله بن بحينة في الصحيحين " - 2 إذا شك وتحرى فإنه أتم صلاته وإنما السجدتان لترغيم الشيطان فيكون بعد السلام " قلت وهذا ما يؤيده حديث بن مسعود رضي الله عنه في الصحيحين "

 3- إذا كان من زيادة "كركعة " لم يجمع في الصلاة بين زيادتين بل يكون السجود بعد السلام لأنه إرغام للشيطان بمنزلة صلاة مستقلة جبر بها نقص صلاته "قلت وهذا مايؤيده حديث بن مسعود رضي الله عنه في البخاري "

 4- إذا سلم وقد بقى عليه بعض صلاته ثم أكملها فقد أتمها والسلام منها زيادة والسجود في ذلك بعد السلام لأنه إرغاماً للشيطان "قلت وهذا ما يؤيده حديث أبى هريرة رضي الله عنه في الصحيحين , وحديث عمران بن حصين رضي الله عنه في البخاري "

 5- إذا شك ولم يتبين له الراجح فيبنى على الأقل والسجدتان يشفعان له وإنما يكون قبل السلام " قلت وهذا ما يؤيده حديث أبى سعيد الخدري رضي الله عنه في صحيح مسلم " (مجموع الفتاوى لأبن تيمية 23/24) راجع الأحاديث (رسالة سجود السهو في ضوء الكتاب والسنة للدكتور سعيد بن على بن وهف القحطانى ص 6,7)  

س : هل هذا الاختلاف للأفضلية أم للأجزاء ؟

ج : على قولين لأهل العلم منهم من قال للأفضلية بالإجماع "قال القاضي عياض لا خلاف بين العلماء أنه لو سجد بعد السلام أو قبله للزيادة أو للنقصان أنه يجزئه وإنما اختلافهم في الأفضل "توضيح الأحكام لعبد الله البسام 2/10" ولكن من العلماء من قال المسألة خلافية ورجح أنها للأجزاء وليس للتفضيل "دروس مفرغة شرح الزاد للشيخ حمد بن عبد الله الحمد من على الشاملة "

س : هل لسجود السهو تشهد ؟

 ج : أختلف العلماء لاختلافهم في حديث الباب وهو عن عمران بن حصين رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم فسها فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم "رواه أبو داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه ,أما لفظ "ثم تشهد" فقال ابن سرين لم أسمع بالتشهد شيئاً وكذلك البيهقي وبن عبد البر وبن المنذر وكثير من المحققين , وإنما انفرد بلفظ التشهد أشعث وقد خالف غيره من الحفاظ فهو شاذ "توضيح الأحكام لعبد الله البسام 2 /12" ,وضعفه بن تيميه و الذهبي والألباني والوادعي وغيرهم وهو الراجح ولكن لا ينكر على من أخذ بقول من حسنه والله أعلم

س : هل لسجود السهو تكبيرة إحرام ؟

ج : ظاهر الأحاديث أنه يكفي بتكبير السجود وبه قال الجمهور{فتح البارى 3/99} تكبيرة الأنتقال ثابتة أما تكبيرة الإحرام لا تصح والله اعلم

 س : هل يجوز سجود السهو بدون طهارة ؟!

ج : فَقَدْ جَوَّزَهُ ابْنُ حَزْمٍ أَيْضًا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، وَإِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ الضَّعِيفِ. وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ أَنَّهُ فَعَلَهَا إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، وَلَا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، كَمَا يُفْعَلُ ذَلِكَ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ،{الفتاوى الكبرى لأبن تيمية 1/360}

س : ما الحكم إذا تكرر السهو في الصلاة ؟

ج : لا يلزمه إلا سجدتان عند جمهور العلماء لأنه لم ينقل عن النبي ولا عن أحد من أصحابه أنهم كرروا السجود لتكرار السهو{ شرح المنهاج 1/204 } وحديث ترك التشهد الأوسط يدل على ذلك ففي التشهد واجبان أى سهو مرتان ولم يثبت عن النبي قولاً أو فعلاً أنه سجد لكل سهو والله اعلم

س : ما الحكم إذا سها ثم سها عن سجدتين السهو؟!

 ج : إذا كان الفصل قليل يأتي به ولكن إذا طول الفصل ولم ينتقض الوضوء فيه قولان يستأنف الصلاة من جديد قول مالك والشافعي وأحمد {المجموع4/156},يسجد مالم ينقض الوضوء وقالوا لفعل النبي فقد أطال الفصل بعد السهو ولم يستأنف وهو قول لمالك والشافعي في القديم والليث وبن حزم وبن تيمية إلا أنه خصه بما كان بعد السلام {مجموع الفتاوى 23/36} ,ولكن الأحوط له استئناف الصلاة هو ومن أنتقض وضوءه والله أعلم.

س : إذا كان السجود بعد السلام هل يلزمه سلام أيضاً ؟

 نعم إذا كان السجود بعد السلام فإنه يجب له السلام {مجموع فتاوى بن عثيمين 14:74} ,هذا تيسر جمعه والله الموفق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

 

 



بحث عن بحث