من منافع الحج

 

 

تأتي فريضة ( الحج ) الركن الخامس من أركان الإسلام لتلتقي فيها الدنيا والآخرة ، قال الله تعالى في سورة ( الحج ) : (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِير) [ 27-28] .

هذه المنافع ذكرها الإمام ابن كثير رحمه الله وغيره عن ترجمان القرآن : عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حينما : قال : منافع الدنيا والآخرة ; أما منافع الآخرة فرضوان الله ، وأما منافع الدنيا فما يصيبون من منافع البدن والربح والتجارات . وكذا قال مجاهد ، وغير واحد : إنها منافع الدنيا والآخرة .

ومن هذا المنطلق فقد حرص أهل العلم عند تفسير هذه الآية على ذكر جملة من هذه المنافع الدنيوية والأخروية .

فإذا نظرت إلى المنافع الدنيوية فتجد في مقدمتها أن الحج مؤتمر إسلامي كبير فيه يتحقق الاجتماع والتعارف بين ثلة كبيرة من المسلمين ، كما أن أصحاب السلع والتجارة يجدون منافع لهم في موسم الحج ، ويكون لهم من حصول الأرباح والتكسب ما لا يحصل لهم في غيره ، فالاجتماع الكبير للناس والمقدر بالملايين مع إتيانهم من كل فج عميق يجعل من تنوع هذه التجارات مجالا للتكسب والتربح .

ومن مظاهر المنافع الدنيوية أيضاً ما يحصل من صدقات أو يقدم من ذبائح الهدي والضحايا والكفارات عن محظورات الإحرام ، مما يكون فيه توسعة على فقراء مكة وغيرهم .

أما المنافع الأخروية وهي المقصد الأسمى لهذه الشعيرة العظيمة فهي كثيرة فالحج موسم ومؤتمر ، موسم عبادة فيه إقبال على الله ، وتعظيم لشعائر الله ، وابتغاء لرضوان الله ، وطلب لرحمة الله ومغفرته ، وعفو الله ورحمته  ، ففيه تغفر الذنوب ، وتسكب العبرات ، وتستجاب الدعوات ، وتعتق الرقاب من النار ، وتصفو فيه الأرواح وهي تستشعر قربها من بيته الحرام ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة .

 و الحج مؤتمر تعاون واجتماع وتعارف ،  يجتمع فيه النخبة من قادة المسلمين وأولياء أمورهم  وعلمائهم ودعاتهم فيتشاورون ، فتجتمع  الكلمة ، ويتوحد الصف .

وفي الحج يتحقق الاهتمام بكثير من أمور المسلمين من خلال التنسيق والتعاون بين أهل الرأي ، والحل ، والعقد .

وفي الحج يلتقي المسلمون بنخبة من علمائهم فيتعلموا منهم ، ويقتدوا بهم ، ويتفقهوا في دينهم .

وفي الحج  من مظاهر عطف الأغنياء على الفقراء ، من بذل الصدقات المالية والعينية من طعام وسقيا ونحوها مما يثلج الصدر، ويظهر للعالم أجمع مدى التلاحم والتكاتف بين المسلمين .

وفي الحج مظهر عظيم من مظاهر البر والصلة ، فتجد الابن يحج بأبيه أو أمه ،فيذلل له الصعاب ، وييسر له العبادة ، ويتحمل في ذلك المشقة والجهد براً بوالديه وابتغاءً لمرضاة ربه ، وطلباً للأجر والمثوبة .

                                                         كتبه / د.محمد بن عدنان السمان

المدير التنفيذي لشبكة السنة النبوية وعلومها

 



بحث عن بحث