رمضان و صراع التقنية

 

قلّ مسلم و لله الحمد يجهل فضل رمضان المبارك , وأنه منحة جليلة من رب غفور رحيم , رؤوف بعباده , أكرم الأكرمين , وأجود الاجودين يمن على عباده في هذا الشهر ما لم يخطر على بال.

وهذا ما يحدو بالمسلم إلى المنافسة في استثمار هذا الشهر المبارك بكل مايستطيع , و بخاصته ما كان ينافس فيه المصطفى صلى الله عليه و سلم من العبادات كالتراويح و القرآن و الصدقات و الجود و التفرغ للعبادة وبخاصة في العشر عن طريق الاعتكاف و الدعاء و الذكر و غيرها.

هذه المنافسة التي تقود بإذن الله إلى الدرجات العلى عند الله سبحانه و تعالى , كما تعود على النفس في هذه الحياة بتزكيتها و تطهيرها و غسل ما ران على القلب من شوائب , و سعادة لا تضاهيها سعادة.

هذا ما يدعو الحصيف العاقل أن يتأمل في واقعنا الذي امتلاء بالمتناقضات و المشغلات التي تلهي الكبير و الصغير عن تلك المنافسة الشريفة , بل وقد تؤخر كثير من حتى مراتبهم في غير رمضان , دعونا في هذه المقالة أن نشير إلى واحد من تلك الملهيات المليئة بالتناقض , و ننظر كيف احتلت مكانة في القلب و الوقت , و أشغلت عن المنافسة بل عن أداء كثير من الواجبات.

لا أتحدث عن من لم يفكر في رمضان و برامجه التنافسية و لكن عمن يرنو للاستفادة من رمضان.

هذا الأمر هو التقنية بكافة أشكالها.

إن للتقنية وجهاً إيجابياً لا يُنكر , و قد أفيد منه و الحمد لله و لكن قد تكون بعض الأوجه الايجابية سلبية في وقت دون أخر.

ولو أخذنا ما طغى على حياة كثيرين و هو ( تويتر ) كيف يأخذ وقتاً ليس بالقليل.

 

 إن نظرة في مجلس يضم شباباً مع والدهم , أو والدتهم .

وإن نظرة في تويتر نفسه وما يكتب فيه بعض الأفاضل

وإن نظرة نظره تأملية في واقع الشباب و ما يدور في أحاديثهم

وإن نظرة إلى خبر يحصل و التسابق فيه و تحليله .

 .......... الخ

 

 كل هذه النظرات تعطيك النتائج أغلبية منها :

-        كم من الوقت ذهب هدراً على فرد من هؤلاء . ؟

-        كم حصل من جفاء مع الوالد و الوالدة ؟

-        كم ألهى عن بعض المهمات؟

-        كم طغى على فضائل فُأخرت ولم تعمل ؟

-        كم قضى على فوائد عظيمة ولو قرأ فيها هذا المتوتر كتاباً أو مقالاً متكاملاً ؟

-        كم قصمت من فكرة لم تتم كتابتها ؟ بسبب قلة الحروف ؟

-        كم اشتغل الدعاة و الموجهون عن منابر التوجيه الحقة ؟

-        كم حصل من اللغط في المجالس بسبب تغريدة أو أخرى من أحد الأفاضل .

-        كم حصل من النزاع و الانشقاق بسببه ؟

-        كم روج آخرون لأفكار ظاهرها الصحة و باطنها الأخطاء المتراكمة؟

................ الخ

 

هذا كله في غير رمضان

 فما البال عندما يكون ذلك كله في رمضان ؟ فكم من الخسائر و التراجع يكون فيه ؟

  وقت للقران أبدل لـ ( تويتر ) ؟ كم يضيع من الأجر ؟

 وقت للأرحام و بخاصة للوالدين ؟ كم يضيع لسببه ؟

وقت للأعمال الخيرية التي تنشط في رمضان ؟ كم تهدر  بسببه .

وقت للصفاء النفسي ؟ كم يتكدر بسببه ؟

 لا أنكر أن هناك من يجيد تنظيم وقته , ولديه القدرة على إدارة نفسه و استغلال الفرص . لكن أنّى هذا لمن غلب عليهم ( تويتر )

هذا الحديث على أداة من أدوات التقنية في صراعها مع العبد المسلم الصائم , فكيف الحال إذا اجتمعت مع الأدوات الأخرى وإنها صرخة لئلا تتغلب عليها التقنية من حيث نشعر أولا نشعر و أرجو أن لا يتردد علينا المقولات المتنوعة بأننا إذا تركناها تكون لمن ؟ فقد ترك رسول الله صلى الله عليه و سلم بيته و صحابته طوال العشر الأخيرة و تفرغ لنفسه و مثلها أن الناس ينتظرون مني ,  وأترك هؤلاء فهذه أمانة و الجواب نفسه فلستُ أنا وأنت في مقام رسول الله صلى الله عليه و سلم و قد تفرغ عن الناس لاعماله الرمضانية.

هنا ونحن نستقبل رمضان ونفرح به إليكم أيها الدعاة والموجهون للتنبه للنفس أولاً وللبيت ثانياً. وللأخرين ثالثاً بالتأكيد على الاعمال الرمضانية، وأرو الناس منكم القدوة بالتفرغ لذلك.

وأنت أيها الأب وأيتها الأم كيف تريد أولادك يتأسون بك وهم يرون أفعالكم لم تتغير عن غير رمضان إلى في مواعيد النوم والأكل.

إذا كنا نقول إن شبابنا وفتياتنا غرتهم التقنية، ونولول على أنفسنا في مجالسنا، فالمعركة مع التقنية بكل أدواتها تحتاج إلى تجديد عناصر المعركة.

وأهمها: أن تكون قدوة، نعم قدوة، تلزم نفسك ببرامجك الرمضانية.

ومنها: التعلم الهادئ الذي لاتخالفه.

ووضع الحوافز، وتشجيعهم على الاعمال الرمضانية بقدر ما تستطيع.

وأختم بأن المعركة مع التقنية شرسة، وتحتاج إلى عدة نفسية من الاستعداد لرمضان، والدعاء للمولى بالاعانة والتسديد، والتفرغ من المشاغل، والزام النفس بالمعالي.

سدد الله الجميع ونصرهم وأقر عيونهم برمضان وقبوله.

 



بحث عن بحث