الحلقة الخامسة / من معاني تدبر القرآن الكريم ( 1 - 2 )

 

التعرف على صفات النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه:

 

في الحلقات السابقة تطرقنا إلى المعنى الأول من معاني تدبر القرآن الكريم وهو توحيد الله تعالى والتعرف عليه ، وذكرنا أنه المعنى الأعظم في تدبر القرآن الكريم ، وفي هذه الحلقة إن شاء الله سيكون حديثنا عن معنى آخر عظيم من معاني تدبر القرآن الكريم وهو أنه من خلال تدبر القرآن الكريم يتعرف المسلم على نبيه وقدوته وأسوته محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وعلى أخلاقه الكريمة .

 

إن الله سبحانه وتعالى امتن على هذه الأمة بإرسال هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم  {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ }آل عمران164.

وأمر الناس أن يتبعوه يؤمنوا به : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً }النساء170.

إن المهمة الأولى التي أنيطت بالنبي صلى الله عليه وسلم هي مهمة التبليغ والرسالة ، قال الله تعالى :  {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } الآية ، المائدة67.

{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }الأنعام19.

ولقد كان بلاغ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أمره ربه ، اعتنى أولاً بدعوة الناس إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة ،  ثم دعاهم لأحكام الدين وبينها لهم قولاً وعملاً ، كما بين لهم أخلاق الإسلام الرفيعة وآدابه العظيمة .

 

لقد اختصرت لنا أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها لما سئلت عن خلق النبي عليه الصلاة والسلام ، قالت : ( كان خلقه القرآن) صحيح مسلم.

قال الإمام ابن كثير في تفسيره: ومعنى هذا أنه صلى الله عليه وسلم صار امتثال القرآن أمراً ونهياً سجيةً له وخلقاً .... فمهما أمره القرآن فعله ومهما نهاه عنه تركه، هذا ما جبله الله عليه من الخُلق العظيم من الحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم وكل خُلقٍ جميل.أ.هـ

وقد قال تعالى مادحاً وواصفاً خُلق نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم (( وَإِنّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ )) [ القلم 4].

إن القارئ لكتاب الله والمتدبر له يجد فيه جملاً صريحة في صفات وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ومن ذلك :

قول الله تعالى : ( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) [التوبة : 128].

وقوله سبحانه وبحمده : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء107

وقوله جل جلاله : {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }آل عمران159

فعلى المسلم أن يلزم طريق وهدي خير المرسلين صلى الله عليه وسلم لكي يفلح في الدنيا والآخرة .



بحث عن بحث