رمضاننا مسروق !!
محمد بن علي الزبن

 

شهر رمضان شهر الخيرات، شهر تصفد فيه مردة الشياطين، شهر يقبل فيه الناس على العبادات بكل أنواعها، فذاك يقرأ القرآن، وذاك يقوم الليل، وذاك ينفق ماله في وجوه الخير، وذاك يبذل للناس النصيحة والتوجيه، والسعيد من جمعها كلها فيه فنال الخير العظيم والجزاء الوفير من رب العالمين..

 

كان الناس ومازالوا يستقبلون الشهر بشوق إليه ولهفة له، ينتظرونه على أحر من الجمر بغية ما عند الله من الأجر الكبير والثواب الجزيل، يستقبلونه وقلوبهم خاشعة مطمئنة، يستقبلونه وهم في لهف لميدان التجارة مع الله، عمروا نهارهم بقراءة القرآن والصيام  لينالوا (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)(1)،  وعمروا ليلهم بالقيام لينالوا (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)(2)، ومع هذا فإن ثلة من الناس لا تأبى مثل هذا، فلا يرتاح لهم بال، ولا يروق لهم حال حتى يكدروا على المؤمنين صفو الجو الإيماني في هذا الشهر، فتجدهم قد أعدوا العدة وشمروا الساعد وبذلوا كل شيء لإرضاء إبليس وإغضاب رب العالمين..

 

إن ما يفعله بعض الماجنين من تفاهات ساقطات وحرب على الله ورسوله والمؤمنين في هذا الشهر لهو شيء عجب، فقد أعدوا كل شيء إلا الفضيلة، وجهزوا كل شيء إلا المعروف، ووضعوا كل المقاييس في عملهم إلا العدل، فهم أبعد الناس عن الفضيلة والمعروف والعدل..

إن بعض المسلمين اليوم يعاني من سرقة لا ككل السرقات، و نهبة لا ككل النهبات، سرقة قلبية روحية، فهو يصوم لكن بدون خشوع، ويقرأ القرآن لكن بدون تأمل، فالقلب معلق مع أولئك القوم في تلك الفضائيات، ينتظر الليل ليجن عليه بظلامه ليخلو بهم، ويمتع ناظريه في النظر إليهم، والسمر وإياهم حتى طلوع الفجر، وهكذا أصبح الحال، نوم في النهار وسهر في الليل على ما يغضب رب العالمين، لو اطلعت عليهم لوليت منهم فراراً ولملئت منهم رعباً، نضّر لهم شرذمة من المفسدين، وأدارها حفنة من المستهترين، وعمل فيها رعاع من المستهزئين، لا يراعون في مسلم حرمة، ولا في مؤمن كرامة، همهم إشباع شهواتهم، وإضحاك الناس ولو على حساب دينهم ودنياهم، فبالله عليكم هل رأيتم سرقة أشد من هذه؟؟ و نهبة أنكى منها؟ 

 إننا أصبحنا اليوم في ظل إعلام ساقط في الجملة لا نعرف قيمة رمضان بسببهم، ولا ندرك حرمة الشهر بسبب أفعالهم المشينة، فأنسونا طعم رمضان، وألهونا عن عبادة الواحد المنان، وسرقوا منا رمضان ولذته، والصيام ومتعته، والقيام وأثره، فهلاّ جادوا علينا بتركنا وحالنا؟؟

 

أحبتي.. جنوحاً عنهم إلى الخير، وبروزاً في معالي المراقي، وتركاً لهم السِّفلة، واعتلاء بالنفس إلى العِلْية، كي نعيش رمضان بكل خشوع، وندرك الشهر، وننعم بجو إيماني خالٍ من السرقات، ونكتب فيه من المقبولين، وفقنا الله وإياكم للطاعة..

 

 

 

(1)     متفق عليه.
(2)     متفق عليه.

 



بحث عن بحث