الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً..

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباًً)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)، أما بعد:

فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فإن من اتقاه وقاه، ومن أقرضه جزاه، ومن شكره زاده.

عباد الله: هناك عظماء كثيرون يقرأ الناس في حياتهم ليتملَّوا من عناصر النبوغ فيها وليتابعوا بإعجاب مسالكها في الحياة، إلاَّ أن عظمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تقصر دونها عظمة كل عظيم، فهي أصيلة في أصوله، ممثلة في شخصه وخلقه ودينه، بل إن عباقرة الأرض تلاشوا في سناه، ولآثارهم تضاءلت أمام هداه.

في السيرة النبوية ما ينشده المسلم من دين ودنيا، وإيمان واعتقاد، وعلم وعمل، وآداب وأخلاق.

إن السيرة النبوية حين تُعرض صحيحة مشوقة تتخذ من سلوك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة، ومن أخلاقه قدوة، ومن أفعاله وأقواله شعلة هداية، لتُأصل القيم التي تهدمت، والمبادئ التي تزعزعت، والفضائل التي تحطمت، وتعلو شخصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متميزة فذة فتسقط دونها القدوات الهابطة مهما شعَّ بريقها ولُمع سوادها.

تلهج الألسنة أحياناً بأخلاق الغرب، ورفعة مبادئه وسمو آدابه، بينما يتكاسل القلم ويخفت الصوت مع سيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والتي تشع خلقاً لا يبارى، وسلوكاً لا يجارى، وينبوعاً ثرّاً من المبادئ والمثل لا ينضب.

إن عنايتنا بالسيرة النبوية في كثير من الأحيان لم تتعدَّ وسائل الحفظ والنقل والتحقيق للنصوص، ومع أهمية ذلك يبقى المطلوب الأسمى أن تحقّق ترسيخاً للإيمان، وتربية للنفوس، وتهذيباً للأخلاق، وحين نُقلب صفحات من سيرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وحقوقه نرى أنه ما جاء متغطرساً مستعبداً، ولا متكبراً مستبدّاً، إنما جاء زاهداً متواضعاً، مخشوشناً متقشفاً، يخضع لجلال الله، ويخشع في طاعته، ويبكي من خوفه ورهبته، ويُسمع لصدره أزيزٌ كأزيز المرجل من البكاء، يماشي أدنى القوم، ويواسي أفقرهم، يخدم أضعفهم، وينصر مظلومهم.

غرس محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- الخير في النفوس، والفضائل في القلوب، وقلع جذور الشرك وأعلن أن لا إله إلاَّ الله.

حمل الكل ووسع الكل، مسح دمع الباكين، أخذ بأيدي المحرومين.

(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً).

القادة: يتعلمون منه الحزم والعزم.

الدعاة إلى الله: ينهلون من معين دعوته الرحمة والحكمة.

الحاكم: يأخذ من هديه الأحكام العادلة.

القاضي: يقتبس منه العدل والفصل في الخصومات.

الآباء: يقتدون به في التربية والتنشئة.

التاجر: ينهج طريق الصدق والأمانة والسماحة.

وهكذا كل مسلم يجني من سنته وهديه ما تتحقق به السعادة.

  جدير بالمسلمين أن يدرسوا سيرته -صلى الله عليه وسلم-، فينظروا كيف كان اجتهاده في العبادة للتأسي والاقتداء، كيف كان زهده في الدنيا، فيقلِّلوا من جريهم وراء الشهوات، وتعلقهم بالملذات، كيف كان ثباته على الدعوة في وجه التحديات، فيتعلموا الصمود رغم ضراوة المحن وشدة الابتلاء.

  كسرت رباعيته يوم أحد، وشج وجهه فقالوا له: لو دعوت الله عليهم، فقال: (إني لم أبعث لعاناً، وإنما بعثت رحمة) رواه مسلم، وقال: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) رواه البخاري.

  مع علو منصبه ورفعة رتبته يكون في بيته في مهنة أهله، يحلب شاته، يُرقّع ثوبه، يخصف نعله، يخدم نفسه، يأكل مع الخادم.

  نعم، لقد تسنم ذرى الأخلاق، فكان كما وصفه ربه: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).

 ما إن صدع بالدعوة حتى قابله مشركوا قريش بالإنكار والعداوة، ولم يسلم جسده من الإيذاء، عمدوا إلى التفنن في إيذائه، تارة يخنق، وتارة يلقى على ظهره سلا جزور، وتارة يرمى بالحجارة، وتارة يبصق في وجهه، وتارة يحاصر في شعب أبي طالب ثلاث سنين، وتارة يحرم من الأكل فلا يأتيه إلاَّ خفية، وتارة.. وتارة..

  عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لقد أُخفت في الله وما يخاف أحد، ولقد أُوذيت في الله وما يؤذى أحد، ولقد أتت عليّ ثلاثون من بين يوم وليلة وما لي ولبلال طعام يأكله ذو كبد، إلاَّ شيء يواريه إبط بلال) أخرجه الترمذي وابن ماجه.

  إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم  يخرج عن كونه من البشر يأكل كما يأكلون، ويشرب كما يشربون، وينكح كما ينكحون، ويقاسي الشدائد كما يقاسون، ويمرض كما يمرضون، وكان يمشي بين أصحابه ويكره أن يميزوه بينهم، وبلغ من حرصه على عدم إطراء المسلمين له، وإنزالهم له فوق منـزلته أن جاءه رجل يوماً وقال: ما شاء الله وشئت، فكره ذلك وقال: (جعلتني لله عدلاً، بل ما شاء الله وحده) رواه أحمد.

  نهى صحبه فقال: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا عبدالله ورسوله) رواه البخاري، وحتى لا يظن أن بيده الأرزاق قال الله تعالى: (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ).

  وما أتى به من وحي، وما جرى على يديه من آيات إنما هو بقدرة الله وحده، فكما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً فهو من باب أولى لا يملك لغيره الضر والنفع، قال الله تعالى: (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ).

  هذا الرسول الأمين والبشير النذير، من حقه على أمته أن تحبَّه محبةً فوق محبة الوالد لولده، والولد لوالده والناس أجمعين، ولقد أحبه أصحابه حباً قدم على حب المال والولد والوالد والناس أجمعين، قال قائلهم سعد بن معاذ -رضي الله عنه- قبل بدر: (إني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم: فاظعن يا رسول الله حيث شئت، وصل حب من شئت، واقطع حبل من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، وأعطنا ما شئت، وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت، وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك).

  وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- آخذاً بيد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال له عمر: يا رسول الله لأنت أحب إليّ من كل شيء إلاَّ من نفسي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا، والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك)، فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الآن يا عمر) رواه البخاري.

  كانوا يملكون من الفصاحة والبلاغة ما يؤهلهم للمدح والإطراء، ثم تترك النفس تسير على هواها، وتحقق من كل ما تشتهي مبتغاها، لكنه قد نقش في قلوبهم قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين) رواه البخاري، وقال الله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ).

  قال ابن كثير رحمه الله تعالى: (هذه الآية حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس على الطريقة المحمدية، بأنه كاذب في دعواه، حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله).

  ومن محبته: أن يكون المسلم متبعاً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في منشطه ومكرهه، في سره وعلانيته.

  ومن محبته: نصرة سنته والذب عن شريعته، وأن يكون متأدباً بآدابه، متأسياً بأخلاقه: من سعة الصدر، ولين الجانب، وسماحة الخلق.

  ومن حقوقه: تعزيره وتوقيره: (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً).

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من أشد أمتي لي حباً ناسٌ يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله) رواه مسلم.

  ومن حقوق المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: الصلاة والسلام عليه، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (من صلى عليّ صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً) رواه مسلم.

 

  عباد الله:

الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا تحصى فضائله، ولا تعد مزاياه، فهو خير خلق الله إنساناً، ما من صفة كمال إلاَّ اتصف بها، ولا قبيحة إلاَّ وتبرأ منها.

أقسم الله الصادق العليم بـ (النَّجْمِ إِذَا هَوَى) على تزكية المصطفى والثناء عليه.. -صلى الله عليه وسلم-.

فزكى عقله فقال: (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى).

وزكى لسانه فقال: (وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى).

وزكى شرعه فقال: (إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى).

وزكى معلمه فقال: (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى).

وزكى قلبه فقال: (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى).

وزكى بصره فقال: (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى).

وزكى أصحابه فقال: (وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ).

وزكاه كله فقال: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).

ووصفه بصفتين من صفاته فقال: (بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ).

نعته بالرسالة فقال: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ)، وناداه بالنبوة فقال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ)، وشرفه بالعبودية فقال: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ)، وشهد له بالقيام بها فقال: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ). وبين المقصد من رسالته فقال: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ).

شرح الله صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره، وأتمّ أمره، وأكمل دينه، وبرَّ يمينه.

ما ودعه ربه وما قلاه، بل وجده ضالاً فهداه، وفقيراً فأغناه، ويتيماً فآواه، وخيره بين الدنيا ولقاه، فاختار لقاء مولاه وقال: (بل الرفيق الأعلى).

    وفي هذا الزمان يأتي أقوام ما عرفوا الله طرف ساعة، ولا أعدّوا لقيام الساعة، يعيدون التأريخ بصورة جديدة، فيتهمون النبي -صلى الله عليه وسلم- وأتباعه بالإرهاب وأنهم سبب التفجيرات والخراب في العالم، وما اكتفوا بذلك بل رسموا النبي -صلى الله عليه وسلم- برسومات من خيالاتهم وزعمهم، يصورونه إرهابياً ومعه قنابل وأسلحة، يتجرؤون على اتهام نبي الإسلام والسلام بالإرهاب، سخرية واستهزاءً، ألا لعنة الله على الظالمين وعليهم ما يستحقون.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية: 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

     أما بعد:

فاتقوا الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى.

عباد الله: قد يسأل سائلٌ ويقول: ما واجب المسلمين تجاه هذه القضية المؤلمة؟.

  وقبل الجواب: ندعو من هذا المنبر جميع المسلمين، وخاصة الجاليات الإسلامية في بلاد الغرب إلى التعقل والتروي وعدم العجلة، وعدم القيام بأمور تحسب على أهل الإسلام.

بل كما تعرفون قد سُب النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم ينتقم لنفسه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله  -صلى الله عليه وسلم-: (ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم يشتمون مذمما ويلعنون مذمما وأنا محمد) رواه البخاري، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان اليهود يسلمون على النبي  صلى الله عليه وسلم  يقولون: السام عليك، ففطنت عائشة إلى قولهم فقالت: عليكم السام واللعنة، فقال النبي  صلى الله عليه وسلم:  مهلا يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله، فقالت: يا نبي الله، أو لم تسمع ما يقولون؟ قال: أو لم تسمعي أني أرد ذلك عليهم فأقول وعليكم) رواه البخاري.

بل قال الله تعالى: (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ).

ونعود للجواب على السؤال:

فواجب المسلمين تجاه تلك القضية المؤلمة في الأمور الآتيه:

1-  المقاطعة: وهذا سائغ لكل مسلم بعدم شراء منتجاتهم، دفاعاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإذا كان لهم حرية الإعلام كما يزعمون، فلنا حرية الاختيار، وفي المنتجات الوطنية والإسلامية غنية عن منتجاتهم، وهذا من أعظم التعاون على البر والتقوى، وتحقيق مبدأ الجسد الواحد.

2-  للإعلام الإسلامي دورٌ مؤثر في توضيح الصورة دون مخادعة، وعلى الإعلاميين كفلٌ كبيرٌ في كشف الحقائق للعالم، وفي مثل هذه الظروف تبرز الهوية ويتحدد نوعُ الفكر، ويتبين الصادقون ومن يتحملون أمانة الكلمة.

3-    نشر الصورة الحقيقية عن الإسلام ورسول الإسلام، عن طريق الكتب المترجمة بلغات القوم.

4-  مقاضاة تلك الصحف عالمياً، فالكفار ليسوا على قلب واحد، ففيهم منصفون قال تعالى: (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً)، يقول أحد المفكرين الغربيين: (إن البشرية لتفخر بانتساب رجل كمحمد -صلى الله عليه وسلم- إذ أنه رغم أميته استطاع قبل بضعة عشر قرناً أن يأتي بتشريع سنكون نحن الأوربيين أسعد الناس لو وصلنا إلى قمته بعد ألفي سنة)، ويقول آخر: (الرسالة التي دعا إليها هذا النبي ظلت سراجاً منيراً أربعة عشر قرناً من الزمان لملايين كثيرة من الناس، فهل من المعقول أن تكون هذه الرسالة التي عاشت عليها هذه الملايين وماتت، أكذوبة كاذب أو خديعة مخادع، ولو أن الكذب والتظليل يروجان عند الخلق هذا الرواج الكبير، لأصبحت الحياة سخفاً وعبثاً، وكان الأجدر بها ألاَّ توجد).

5-    اجتماع المسلمين، وتوحيد صفوفهم، فهم بالاجتماع أولى وأحرى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا).

أيها المسلمون: إنا نستغرب ونستنكر ونتألم من سب أولئك القوم لرسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- واتهامهم له بأبشع التهم، والغريب في الأمر أن تلك الجناية على رسولنا -صلى الله عليه وسلم- تنشر في صحفهم الرسمية بمباركة من قادتهم معتبرين ذلك من الحرية الإعلامية، خارقين بذلك الأنظمة والقوانين والأعراف الدولية، من احترام الأنبياء والرسل، وليس بعد الكفر من ذنب، (أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ).

عباد الله: إن سب أولئك القوم لرسولنا -صلى الله عليه وسلم- ليس بضاره شيئاً ؛ لأن الله عز وجل قد تكفل بالدفاع عن رسوله -صلى الله عليه وسلم- قال الله تعالى: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) وقال تعالى: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ)، وقال سبحانه: َانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ)، لكنه ابتلاء من الله عز وجل لنا: (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ).

عباد الله: إن مما يفرح المسلم ويُسرّ به ما قام به ولاة أمرنا حفظهم الله تعالى من الرد والاستنكار على هذا المنكر العظيم، وليس هذا بمستغربٍ منهم فهم حماة الإسلام وحراس العقيدة، وهذا مما يشعر المسلم بالعزة والقوة.

وكذلك نشكر جمعاً من التجار وأصحاب الأموال الذين أعلنوا بمنع بيع منتجاتهم دفاعاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فالواجب على المسلم أن يعتز بدينه وبكتابه وبسنة رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

هذا وصلو وسلموا رحمكم الله على خير خلق الله محمد بن عبد الله كما أمركم ربكم فقال عز من قائل عليمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماًً).................الخ.



بحث عن بحث