الوقفة الثانية عشرة

الابتلاء سنة من سنن الله

مما يؤكده هذا الحدث، ويجدده في نفوس المؤمنين الصادقين أن الابتلاء لهم سنة من سنن الله تعالى، قال تعالى: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ . وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ).

وكلما زاد الإيمان زاد الابتلاء، وعلى قدر إيمان العبد يكون ابتلاؤه، جاء في الصحيح: (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم).

والابتلاء كما يكون للأفراد بصوره المتنوعة يكون للأمة بأكملها وبخاصة عندما تتجه إلى الله سبحانه كما كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته عندما أوذي وصدّه قومه، وحاصروه وكذبوه وآذوا أصحابه وقتلوا بعضهم، وطردوهم.

وعلى قدر تحمل الابتلاء تكون النتائج والعواقب حسنة، في الدنيا والآخرة، فالله سبحانه نصر رسوله صلى الله عليه وسلم، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، واتسعت رقعة الإسلام، وعمت بقاع المعمورة، وانتشر الخير والسلام، وسيكون كذلك بإذن الله إلى يوم القيامة.

*     *      *

وهذا الحدث هو ابتلاء للأمة كلها، حيث سخر من نبيها عليه الصلاة والسلام، ومن هنا يجب على الأمة ممثلة بعلمائها ودعاتها ومفكريها -أن تقرأ هذا الحدث من زواياه المتعددة لتدرك كيفية التعامل معه، فتكون العاقبة والنتيجة لها.

ومن هذه العاقبة ما جرّه هذا الحدث من إيجابيات متعددة على العلماء والمفكرين تفعيلها واستثمارها ومنها:

1-  إحياء القدوة للنبي صلى الله عليه وسلم.

2-  بيان وظهور عداوة الأعداء.

3-  بيان حقيقة المنافقين من أبناء المسلمين.

4-  إمكانية توحد الأمة، وبالذات حول ثوابتها، وبعث ما فيها من الخيرية.

5-  نشر الإسلام في تلك الدول.

6-  ترجمة العديد من الكتب عن النبي صلى الله عليه وسلم بلغات العالم المختلفة.

7-  عمل برامج لا حصر لها، فكرية وعلمية واقتصادية وغيرها.

8-  التفاف الأمة حول قياداتها العلمية والفكرية.

وغيرها من الإيجابيات التي ظهرت ولا زالت أيضًا، وهي مما يستوجب على العلماء استثمارها وتشجيعها وعمل البرامج المتنوعة كل بحسبه وعلى مختلف المستويات، رسمية وشعبية، جماعية وفردية، لتثمر ثمارها الكبرى اليانعة.

حقق الله الآمال وسدد الخطى ودحر كيد الأعداء.



بحث عن بحث