بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين، وبعد:

إن الأزمات المختلفة التي تمر بها الأمة المسلمة منذ أوائل القرن الماضي إلى الوقت الراهن، كانت توحي منذ بدايتها إلى ضرورة إحداث تغيير في العالم الإسلامي، تغيير في جغرافيته، وفي فكره واقتصاده وثقافته، وجميع شؤونه التي تمت إلى دينه وأخلاقياته، وقد وقع هذا التغيير حقيقة أمام أنظار الجميع حين سقطت فلسطين بأيدي اليهود وتحولت إلى دولة عبرية، بمباركة كثير من الدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، وبعدها بدأت الأزمات تترى على هذه الأمة من كل الاتجاهات وبشتى السبل، أحيانًا على شكل مواجهات عسكرية، وأخرى على شكل غزو فكري، أو عبر الوسائل الدبلوماسية والسياسية الملتوية، لإجبار الأمة على التبعية المطلقة لها.

رغم أن تلك المؤامرات قد حققت كثيرًا من مآربها وأهدافها في المنطقة الإسلامية، إلا أنها كانت في حالة صدام مستمر مع القاعدة الشعبية لأبناء هذه المنطقة والتي تحمل عقيدة التوحيد والانتماء الصادق للإسلام، وهي سنة الله تعالى الباقية إلى يوم الدين.

وفي السنوات الأخيرة ازدادت وطأة هذا العدو على الأمة المسلمة، لا سيما حين ظهر لها إحياء جديد وعودة مباركة في أرجاء المعمورة، فسرعان ما أعلنت حالة التأهب في صفوف القوى الاستكبارية لإيقاف المد الإسلامي، فحوّلت هذه القوى العالم الإسلامي إلى مراتع غزواتها المتمثلة في العسكرة والإعلام، فمن جانب جهزت الجيوش واحتلت بلاد المسلمين، ومن جانب آخر بدأت تنفث عبر وسائل الإعلام النيل والطعن والتشويه للإسلام ورموزه ومقدساته، وكان من آخر هذا النفث والخبث حين نشرت صحفها الإساءات المتكررة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعرضت صورًا مسيئة إلى شخصه الكريم وسيرته العطرة عليه الصلاة والسلام، وهذا الفعل المشين جزء لا يتجزأ من الحرب الشاملة التي أعلنتها هذه الدول مؤخرًا.

وإزاء هذا الحدث الكبير الذي يحمل تحدِّيًا واضحًا وإهانة مكشوفة للأمة المسلمة، كان واجبًا على كل فرد ينتمي إلى هذه الأمة أن يدافع عن نبيه صلى الله عليه وسلم، الذي هو سبب هدايته وفلاحه، أن يذبّ عن هذا الرسول صلى الله عليه وسلم بكل الوسائل والطاقات والإمكانات، فضلاً عن أهل العلم والرأي والفكر والتخصص.

ويأتي هذا البحث وهذه الوقفات إسهامًا متواضعًا في أحد ميادين المواجهة للدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك من خلال التعريف بالرسول عليه الصلاة والسلام، وبيان بعض معالم سيرته، وكيفية التعاطي والتعامل مع هذا الحدث، واستخدام الوسائل الناجعة لمواجهة مثل هذه التحديات، واستخراج ما ينطوي عليه من المهام التي يجب أن يعيها كل فرد كما يجب أن تعيها الأمة بمجموعها.

 وأسأل الله تعالى أن ينفع الجميع بهذه الوقفات، ويجعلها نبراسًا لمن أراد الهداية للإسلام والدراية عن رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام، ودافعًا للمزيد نحو العمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والذب عنه وعنها، إنه سميع قريب مجيب.



بحث عن بحث